ترجمة

الاثنين، 18 أبريل 2011

ظـاهـرة الإغـتيـال الصـامـت فـي العـراق .. مـن يقـف وراءهـا!

لم تعد تحليل الأمور في العراق بتلك الصعوبة التي نتصورها خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني وهذا لوجود كافة الأدلة والبراهين للأحداث الجارية على الساحة، فأخفاء خيوط الجريمة من قبل الجناة في العراق أصبحت أصعب من تنفيذها إن لم نقل استحالتها ، وحجم الأحداث الإجرامية التي ترتكب ضد أبناء الشعب العراقي كبيرة لا تحتمل إخفاء معطياتها على أرض الواقع ، فحالات القتل في العراق أصبحت ظاهرة بعد العام 2003 بغض النظر عن الأسباب والأساليب المستخدمة في جرائم القتل ، فأغلب الأحيان عمليات القتل الجماعي تكون دون سبب ضد المواطنين الأبرياء ، ففي الدول الأخرى من العالم ممكن أن تحدث حالات إستثنائية بأن يستهدف السياسي أو الإعلامي أو رجل الأعمال الناجح أو حتى رجل الدين البارز ، ألا في العراق فأن الإنسان بحد ذاته مستهدف بشكل عام بغض النضر عمن هو .
نسلط الضوء في حديثنا هذا على إحدى أدوات القتل التي برزت في السنتين الأخيرتين وشكلت ظاهره إجرامية جديدة سرعان ما انتشرت بشكل كبير في الشارع العراقي وشاع صيتها ودبت الرعب في نفوس المواطنين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مرورا بكافة مدن ومحافظات البلاد وأستخدمها المجرمون في قتل الكثير من العراقيين الأبرياء ، وأزهقت أرواح المئات تحت يافطة (جهات مجهولة الهوية ) ألا وهي الأسلحة المزودة ( بكاتم الصوت)  .
في أحدث تقرير نشر في الآونة الأخيرة لمنظمة عراقية مستقلة تعنى بأحوال الدفاع عن الحريات والحقوق الدستورية أشارت فيه إلى ارتفاع ملحوظ في وتيرة أعمال العنف والإغتيال التي أستخدم فيها الأسلحة المزودة بكاتم للصوت حيث أظهر التقرير الذي نشره مرصد الحقوق والحريات الدستورية عن إحصائية لضحايا هذا النوع من الجرائم ، حيث وصل عدد الذين اغتيلوا من الفترة 1-1-2010 ولغاية 17-9-2010  (686)  ضحية  ، وأشار التقرير إلى اتساع الظاهرة مقارنة بالأعوام 2008  و 2009 ، ففي الفترة من 1 /1 / 2009  لغاية 31 / 12 / 2009 بلغ عدد الضحايا (473) ، و من الفترة الممتدة بين 1 / 1 / 2008 لغاية 31 / 12 / 2008 بلغ العدد (270) ضحية .
وفي تصريح لأحد المسؤولين في وزارة الداخلية طلب عدم الكشف عن أسمه ذكر ان وزارته شرعت بعمل إحصاء شهري لهذا النوع من العمليات إبتداءا من شهر ابريل نيسان من هذا العام وبعد ان لوحظ هذا النوع من القتل قد بدأ بالارتفاع، وقال "ان عدد عمليات القتل التي تم تسجيلها إبتداءا من شهر نيسان حتى منتصف سبتمبر بلغ 331 حالة!، وأضاف " في شهر نيسان فقط تم تسجيل خمسة وثمانون عملية قتل باستخدام أسلحة كاتمة (للصوت).
ورغم انكار حسين كمال وكيل وزير الداخلية وجود مثل هذه الأرقام التي وصفها بأنها "مبالغ فيها" الا أنه اعترف بارتفاع وتيرة هذه العمليات هذا العام "بكثافة".وفي تصريح لرويترز كشف كمال عن القبض على ثلاثة أشخاص قال انهم القي القبض عليهم وسط مدينة بغداد وفي وضح النهار بعد قيامهم باستهداف وقتل أحد ضباط الشرطة بأسلحة كاتمة للصوت في منطقة الكرادة وبعد التحقيق معهم تبين انهم يحملون هويات شرطة ! ورفض الحديث عن أية تفاصيل تتعلق بهؤلاء المعتقلين ، واكتفى  بالإشارة الى أن هذا النوع من الاسلحة يأتي من خارج الحدود !!.ومن الجدير بالذكر أن نتوقف قليلا عند إشارة كمال إلى دخول هذا النوع من الأسلحة من خارج الحدود دون تحديد المصدر !!!..
حيث نتذكر قليلا بعض التصريحات وتسجيلات الفيديو التي عرضتها القوات الامريكية – العراقية المشتركة عندما كانت تقوم بعمليات دهم وتفتيش فحينما كانت تداهم تلك القوات أوكار المجاميع الخاصة المرتبطة بفيلق القدس الإيراني كانت تعرض ما تصادره من أسلحة وأعتدة إيرانية الصنع ، كما وتم العثور في السنتين الاخيرتين على كم هائل من الأسلحة المزودة بكاتم للصوت  لدى تلك المجاميع المرتبطة بإيران !!! ...ومن الجدير بالذكر ايضا  أن نعيد إلى الاذهان تفاصيل الجريمة  التي وقعت قبل مدة قليلة عندما هاجمت مجموعة مسلحة عناصر للشرطة في وسط العاصمة بغداد في منطقة المنصور وتحديدا  (ساحة اللقاء) وتمت الجريمة بقتل عناصر الشرطة بأسلحة كاتمة للصوت وبعد أن قام المسلحون بجريمتهم اضرموا النيران بجثث عناصر الشرطة ورفعوا أعلام ما تسمى بدولة العراق الاسلامية قبل أن يلوذوا بالفرار !!! ...
فهذه الحادثة جاءت تزامنا مع موعد إنسحاب القوات  الأمريكية وفي ظل أزمة سياسية تعيشها البلاد نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق بين الكتل النيابية على تشكيل الحكومة ، والافة للإنتباه أن من روج بعد ذلك لعودة نشاط تنظيم القاعدة على الساحة الأمنية أطراف حكومية عراقية مقربة من إيران وتنفذ أجنداتها  تحت غطاء حكومي !!!،وبالفعل فقد أعقب تلك الحادثة جملة من الحوادث المشابه في بغداد ومدن عراقية أخرى أستهدف منها رجال الشرطة والمرور المتواجدين في شوارع بغداد كما ولم يسلم المواطن العراقي البسيط من تلك الجرائم ..
فقد باتت ظاهرة معروفة لدى العراقيين بأن يترجل أشخاص من سيارات مضللة سوداء اللون  مدججين بالأسلحة المزودة بكاتم للصوت ويقتحمون عنوة المناطق والأسواق الشعبية ويمارسوا أعمالهم القذرة بقتل المواطنين الأبرياء قبل أن يلوذوا بالفرار !! وأغلب تلك الأعمال الإجرامية يعمد مرتكبيها على ترك بصمات تدل على انها من فعل تنظيم القاعدة أو ما تسمى بـ(دولة العراق الإسلامية ) كرفع التكبيرات الجهادية! ، أو حمل أعلام ما تسمى بالدولة !!!
كما ونلاحظ أن هذا النوع من جرائم القتل بإستخدام الأسلحة المزودة بكاتم الصوت أستخدم بشكل كبير ضد السياسيين والمثقفين ورجال القانون المناهضين للنفوذ الإيراني في العراق !! ، وفي كل حادثة من هذا النوع يخرج مسؤول أمني رفيع المستوى في الحكومة العراقية ويصرح  بأن من قام بهذا الفعل  أو ذاك  جهات مجهولة الهوية !،وهنا نتساءل هل هي فعلا مجهولة الهوية بالنسبة لهم؟!!!.
ووفق المعلومات التي كشفت عنها الإستخبارات العسكرية للجيش الأمريكي بأن هذا النوع من الأسلحة ينفذ إلى الأراضي العراقية من إيران ويتم توزيعها على المجاميع المرتبطة بفيلق القدس للقيام بعمليات الإغتيال المنظمة وذات الأبعاد السياسية  !!..فهذا الأمر يدعونا لترك أكثر من علامة إستفهام حول خلفية تنظيم القاعدة في العراق ، خاصة وأن المواقع  الكترونية التابعة لتنظيم القاعدة  تتبنى الكثير من العمليات الإجرامية ضد الشعب العراقي !!! . ولنقطع الشك باليقين ، فقد أثبتت الأحداث الماضية التي مر بها المشهد العراقي وبناءا على معلومات موثقة من مصادر عدة  بأن التمويل اللوجستي والمالي لتنظيم القاعدة يأتي عن طريق إيران !
وبعد كل ما قلناه عن هذا الأمر الذي بات الشغل الشاغل للمواطن العراقي اليوم ، ووفق معطيات الأحداث على أرض الواقع والمعلومات المقرونة بالأدلة الدامغة فأننا لا نتردد ولو للحظة في أن نشير بأصابع الإتهام إلى الجارة الإسلامية إيران بأنها من يقف وراء إبتكار القتل الصامت في العراق بعد أن نجح شياطينها الصغار من ترك بصمات إبليسهم الأكبر في كل عملية يراق بها الدم العراقي .                                        
محمد الياسين
                                            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق