ترجمة

الاثنين، 29 أغسطس 2011

حكومة بالوكالة !

لم تفض نتائج الإنتخابات النيابية العراقية سوى عن كثير من مزايدات الوطنية وشعارات براقة واكاذيب ، فالحديث عن حكومة شراكة وطنية " أكذوبة كبرى " أطلقها الساسة وصدقها البعض منهم ، ما يقرب العام على إنتهاء " العرس الإنتخابي " دون أن يكتمل تشكيل الوزارة ، في جواً شحن بالكثير من الخلافات            " الشخصسياسية " أي خلافات شخصية أخذت طابع واطار سياسي .
في شد وجذب بين القيادات السياسية ، لم يتمكن قادة الكتل في التغلب على عقدة الجاه والسلطة المسيطرة على عقولهم ، تنازلاً لمصالح جمهورهم وناخبيهم. حكومة ترضية سياسية وليس شراكة وطنية ، اسماها الكثير من المراقبين والساسة لما جاء فيها من استحداث لوزارات " شكلية " يُنصب وزراء فيها من هذا الطرف او ذاك ، دون أدنى مراعاة للمصلحة الوطنية العامة.  تطبيقاً لمفهوم المحاصصة ، ما أرهق خزينة الدولة وتفاقم الفساد في مؤسسات الحكومة ، لما شكلته المحاصصة من ادخال لاجسام غريبة وطفيلية على هيكل الدولة والحكومة العراقية .
نص دستور العراق في احدى فقراته على وجوب تشكيل حكومة خلال شهر بعد إنتهاء الانتخابات واعلان النتائج ، ألا ان تأخر تشكيلها مدة زادت عن تسعة اشهر تقريباً بسبب خلافات قادة الكتل على رئاسة الحكومة ، ومدى استحقاق كل طرف منهم في " غنيمة " العراق! طامة كبرى دفع ثمنها المواطن. توصل قادة الكتل لصيغة تشكيل حكومة بعد سلسلة مفاوضات  ضمنت في اتفاق اربيل  دون ان تفعل  فقرات الاتفاق الجوهرية  ، وضلت نقاط خلافية بين القانون و العراقية ، فرفض الرئيس المالكي مرشحي القائمة العراقية لشغل الدفاع ،وصلاحيات مجلس السياسات الاستراتيجية تعد ابرز قضايا الخلاف بين القائمتين . ناهيك عن مبدأ الشراكة في صناعة القرار السياسي ، والتوازن " الوطني " كما يسميه البعض في دوائر ووزارات الدولة .
عودة للإدارة بالوكالة ، فبقاء وزارات الدفاع و الداخلية و الامن الوطني وجهاز المخابرات بدون وزراء اصليين مخالفة قانونية واضحة لنص الدستور اعلاه ، و فيه تعطيل للعمل الحكومي  بأهم جانب  حيوي للمجتمع ، إذ ارجع مواطنون ومراقبون للشان الامني اسباب تدهور الامن الى غياب الوزراء الامنيين خاصة ان ملف الامن يعد من اكثر ملفات العراق سخونة و اهمية تتعدى البعد الامني للسياسي المحلي و الاقليمي .
التحاق وزارة الكهرباء بعد استقالة الوزير بركب الوزارات الشاغرة ، كإحدى ابرز واهم الوزارات الخدمية دليل فشل حقيقي يتحمله الساسة ،على الرغم من ان رغبة المالكي بترشيق الحكومة تبدوا في محلها الا ان حاجة الشارع العراقي الى افعال وليس اقوال ،فنترقب الى الان اعلان الترشيق الحكومي رسميا ، و تسمية الوزراء الامنيين وملئ المراكز الشاغرة او التي  تدار بالوكالة . وفق معيار الكفاءة والنزاهة لا المحاصصة المقيتة التي ادخلت البلاد في دوامة من الكوارث والمآسي دفع العراقيون ثمنها باهظا على مدى سنوات طوال.وهذا ما لا نتوقعه من حكومة ركن فيها الاستحقاق الانتخابي للجماهير على جنب و تشكلت على أسس محاصصة سياسية طائفية قطعت شوط كبير من عمرها تدار بالوكالة ! .

محمد الياسين

الغاء وزارة الكهرباء ضمن حملة الترشيق الحكومي !

استخفافا بمعاناة العراقين في نقص الخدمات وتفشي الفقر والبطالة والامراض القاتلة و استشراء الفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة والحياة العامة ، يستمر مسلسل خيانة المسؤول للمواطن والحاكم للمحكوم والمُنتخب للناخب في الاتجار بالامانة التي استأمنهم عليها الشعب والإيغال فيما هم عليه من فساداً وهدراً لمال الفقراء  والارامل والايتام والعاطلين ، الشعب المسكين الذي لا حول له ولا قوة سوى قوة الله العزيز المنتقم .
ففي رسالة بعث بها وزير التخطيط الاسبق جواد هاشم الى رئيس الوزراء تتضمن وثائق حول قيام وزارة الكهرباء توقيع عقود بناء محطات توليد للكهرباء في مناطق مختلفه من العراق مع شركات اجنبيه تبين انها اما وهمية او مفلسة " حيث وقعت الوزارة عقدا مع شركة (Capgent) الكندية بقيمة 1.2 مليار دولار  شركة وهمية لا وجود لها . كما وقعت الوزارة عقدا مع شركة ( M B H )الالمانية والتي اعلنت افلاسها قبل ستة اشهر من تأريخ توقيعها العقد مع وزارة الكهرباء بحضور الوزير رعد شلال !.
جاءت فضيحة الكهرباء تزامناً مع مطالب متظاهري  ساحة التحرير بإقالة وزير الكهرباء و محافظ بغداد . وحسب ما أشيع من معلومات تناقضت بين تبرئة ذمة الوزير رعد شلال  وبين ادانته بالفساد ،  ثم جاء تصريح صباح الساعدي ليضع النقاط على الحروف كاشفا بالدليل القاطع علم رئيس الوزراء بالصفقة وموافقة رئيس لجنة الطاقة حسين الشهرستاني عليها ، لتتسع بذلك دائرة الاتهام .
بعيدا عن الاعلام وفي احد المجالس  كشف  عضوا في القائمة العراقية عن حقيقة صرف " كومشن " بمبلغ 5 ملايين دولار من قبل بعض التجار المعنيين بعقود الكهرباء لنواب من ذات القائمة وبعض الموظفين و المعنيين بالقضية .وفي سياق الحديث كشف عن تقاسم غنيمة عقود الكهرباء بين الكتل السياسية الثلاث ، العراقية ، دولة القانون ، الائتلاف الوطني . وذكر بأن مجموعة  نواب منتفعين  أقنعوا الوزير شلال بإبرام عقود مع  شركات "وهمية و مفلسة".
تفاقم الخلاف بين " المتغانمين " على الكهرباء أجج الموقف بينهم فتلقاها الاعلام العراقي ثم المواطن التواق للكهرباء في صيف العراق القاتل . 
مسؤولية ما يجري من احداث مؤلمة وفواجع ومآسي يعيشها العراقيون يتحملها بالمقام الاول تجار السياسة ،فإستمرار نهب اموال الدولة بشكل منتظم واتساع نشاطات الفساد وإيغال الفاسدين في السرقة والاستثراء على حساب المواطنين وشيوع ثقافة الفساد بين مسؤولي الحكومة ونواب البرلمان ، شرعنة و حماية الفساد وضمان ديمومته واضفاء طابع الدولة والقانون عليه دليل فشل الطبقة السياسية في بناء دولة مؤسسات ديمقراطية ، وعدم جدية الحكومة والبرلمان في مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين ، فمن الحكمة وتخفيفا للعبئ الملقى على كاهل الحكومة نقترح على السيد دولة رئيس الوزراء شمول وزارة الكهرباء ( رحمها الله ، واسكنها فسيح جناته ) في حملة ترشيق الحكومة ، لما شكلته هذه الوزارة من عبئا كبيرا وهدرا لاموال خزينة الدولة ( دون جدوى )، فالعراقيون تقبلوا مرارة الحقيقة وودعوا الكهرباء منذ مدة طويلة ولجئوا للحلول اليدوية الناجعة  . 
محمد الياسين

تداعيات تصعيد الرياض ضد دمشق ..الى اين !

يأتي متأخراً خيراً من أن لا يأتي ، خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والذي وصف  " بالتأريخي " اكد فيه عدم قبول المملكة ما يجري من احداث دامية في سوريا تقوم بها الاجهزة الامنية و العسكرية ضد المتظاهرين وطالب النظام السوري بإيقاف آلة القتل و إراقة الدماء واجراء اصلاحات شاملة ، كما استدعت السعودية سفيرها في دمشق احتجاجا على الاحداث الاخيرة ، وعلى آثر الموقف السعودي صعدت كلاً من  الكويت والبحرين موقفيهما تجاه سوريا مستدعيين سفيريهما من دمشق  . تنبع اهمية الموقف السعودي  من المكانه المتميزة التي تحضي بها المملكة العربية السعودية في العالم العربي و الاسلامي و المجتمع الدولي .تمر المنطقة العربية بمخاضات عسيرة ألغت كثير من مراكز القوى المؤثرة  وأخلت في البعض الاخر منها ، فأستقرار الكتلة الخليجية ساعد على بروز دوراً هاماً لها في ضل تطورات الاحداث في العالم العربي ، قد يؤسس مستقبلا لانتزاع الكتلة الخليجية موقع الزعامة في العالم العربي . فمن المرجح للموقف السعودي ان يكون ممهد لموقف خليجي حازم  من الاحداث في سوريا .تزامن الموقف السعودي مع تصعيد تركي  روسي اوربي  تجاه سوريا حيث حذرت تركيا نظام الاسد من مغبة استمرار بطش الاجهزة الامنية والعسكرية بالمتظاهرين،وطالبت النظام بإجراء اصلاحات فورية وإيقاف حمام الدم الجاري . كما صرح الرئيس الروسي ميدفيدف( بأنه يجب على الاسد تنفيذ اصلاحات عاجلة والتصالح مع المعارضة واستعادة واقامة دولة حديثة،واذا لم يفعل ذلك فسيواجه مصيرا حزينا ).لجوء النظام السوري الى العنف وانسياقه للحلول والخيارات العسكرية واطلاق يد الاجهزة الامنية  ضد المتظاهرين اضعف الكثير من موقف النظام فاتحاً عليه ابواب المواجهة مع المجتمع الدولي على مصراعيها ، كما ان سقوط العشرات يوميا بين شهيدا وجريح ونزوح الالاف خارج سوريا افقد النظام شرعية دستور الدولة الذي يمده بقوة الموقف .
محمد الياسين    

دماء العراقيين دين في رقاب المسؤولين

خلال اربعه وعشرون ساعة التقى السيد نوري المالكي فيها بقادة عسكريين وامنيين واثنى على ادائهم ودورهم في حفظ الامن والاستقرار في البلاد ! قبل ان يأت الرد وبيان الصدق من الكذب ، في تفجيرات هزت مدن ومحافظات واسط ، بغداد ، النجف ، كربلاء ، ديالى ، تكريت ،كركوك ، الموصل أسفرت عن سقوط أكثر من 300 بين شهيدا وجريح .
استثمار و توظيف كذب الحاكم على المحكوم تزييفاً لحقائق الامور وطمسها ، أصبح سياسة الحاكم في عراق اليوم ، هرباً من المسؤولية . فالبعث والقاعدة تهمة جاهزة لكل من ارتكب جريمة  وحتى من  تظاهر للمطالبة بحقوقه المشروعة ، على الرغم من علمهم بأكذوبة البعث الذي غادر بفكره العراق منذ عشرات السنيين وتلبس به المنتفعون والانتهازيون طمعاً بالحكم ، اما القاعدة ، فالجميع يعرف ان التطرف فكراً وثقافة يتقاطع كلياً مع ثقافة المجتمع العراقي ،والقاعدة في العراق لم يعد خافيا تمويلها واجنداتها الايرانية  .
لم تكن هذه الاعمال الارهابية ، الاجرامية جديدة على المشهد العراقي ، في هذا المقال لا يسعني ان اضيف شيئا اخرا سوى التذكير بمن يتحمل دماء العراقيين امام الله و الشعب ، بغض النضر عن الايادي والمصالح الخارجية وراء هذه الاعمال الارهابية،ألا ان من يتحمل بالمقام الاول مسؤولية اراقة واستباحة الدم العراقي هم  تجار السياسة و رجالات السلطة في  الحكومة العراقية وعلى رأسهم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول عن الملف الامني بصفته ( وزيرا للداخلية والدفاع والامن الوطني ) في آن واحد ، ونواب البرلمان .انما هذه الفواجع والمآسي دليل فشل الحكومة والبرلمان في تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الحزبية الضيقة .  اشتعال الساحة العراقية بالشكل الذي بدت عليه دون رادع دليل على هشاشة الوضع الامني و غياب مؤسسة امنية وعسكرية وطنية لها قدرة  التصدي للاعمال الارهابية وحماية الوطن وتحقيق الامن والامان للمواطن . فعلى ساسة الحكومة ونواب البرلمان ان يتذكروا ان دماء العراقيين المراقه في كل يوم دين في رقابهم . فاللهم ارحم شهداء العراق ، كل العراق ، وشافي جرحانا انه سميع مجيب الدعوات .
محمد الياسين   

الإنسحاب الأمريكي من العراق ... هذا ما لا يريده الإيرانيون في الوقت الراهن ..قراءة تحليلية في دلالات الأسباب والمصالح الإيرانية

تباينت تصريحات السفير الأمريكي في العراق بين الاشارة الى موافقة أغلبية نواب البرلمان العراقي على بقاء القوات الأمريكية و تأكيده في تصريح اخر على إنسحاب القوات  في الموعد المقرر العام الجاري ، حول هذه القضية  نطرح بعض التساؤلات عن الرغبة والموقف الحقيقيين للكتل السياسية من تمديد او عدم تمديد بقاء القوات الامريكية بسبب غموض المواقف وتضارب التصريحات داخل الكتلة الواحدة  ، الى ذلك نجد في ثنايا تصريحات الرئيسان الطالباني و المالكي رغبة في التمديد  ، حيث قال المالكي : ان القوات العراقية بحاجة الى بقاء مدربين ومستشارين امريكيين .علماً ان تسليح الجيش العراقي من مناشئ غير أمريكية  لا يستوجب الابقاء على مدربين امريكيين ! حسبما قال بعض العسكريين واعضاء لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب. كذلك قول الطالباني : بأن التقارير تؤكد عدم جاهزية قواتنا في حماية الحدود وصد الاعتداءات الخارجية.
 تأت تناقضات  البرلمانيون في مواقفهم الخجولة حول الانسحاب من عدمه في ظل ازمة سياسية خانقه ، افتعلت في بعضا من جوانبها ،  وتدهور  أمني  واسع  تزامناً مع  إقتراب موعد الإنسحاب الأمريكي  يحملنا على توجيه اصابع الاتهام لجهات واطراف سياسية و مسلحة مدعومه إقليمياً و لها مصالح في بقاء القوات الأميركية .  فندرج التصريحات المتضاربة للساسة العراقيين وتناقضاتهم في خانة الممهدات السياسية والإعلامية لتمديد بقاء القوات الأمريكية    .
 نتعجب تصريحات بعض الساسة النواب و رجال السلطة قولهم بأنه لا مبرر لبقاء القوات الامريكية ! في حين اداؤهم وسلوكهم السيئ على مدى سنوات طوال في حكم العراق اسهما  في خلق المبررات و الذرائع للأميركيين في مطالباتهم  ، فعدم التوصل لحكومة شراكة وطنية  واستفراد الحاكم بالسلطة و غياب مفهوم المواطنة من ذهنية القادة الجدد ،و سوء الخدمات المقدمة للمواطن  وإستشراء الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة  ، وعدم جاهزية  الجيش والاجهزة الامنية وقدرتها على حماية البلاد  . هذه الكوارث والازمات انتجت حالة مأساويه يعيشها العراقيون بسبب فشل القيادات السياسية  في إدارة شؤون البلاد وعدم تمكنهم من  بناء دولة مؤسسات ديمقراطية تحترم المواطن فوجد الاميركيون فيها ضالتهم لتبريرهم المطالبة في بقاء قواتهم العسكرية  .  
استكمالا لما استعرضناه من وقائع نتطرق لحقيقة جوهرية في هذه القضية تتجسد في رغبة إيران بقاء القوات الامريكية تحقيقاً لمصالحها  في إستمرار بقاء هذه القوات داخل حدود الملعب الإيراني على الارض العراقية  .  فتأت موافقة ايران بقاء القوات الامريكية وضمانة ان لا تستهدفها ميليشياتها وجماعاتها المسلحة   نضير ان توقف الولايات المتحدة الأمريكية ضغطها الدولي والإقليمي الذي تمارسه على سوريا ،وفي ذلك نستعرض الرسالة التي حملها الرئيس الطالباني من علي خامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية  الى كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية اثناء مشاركته في مؤتمر مكافحة الارهاب الذي عقد في طهران !! ، مفادها  "إذا ظل الأميركيون يضغطون على سوريا كما يفعلون حالياً، فإننا سنزيد الضغط عليهم في العراق.". وللدلالة على ذلك نستعرض الاحداث التالية : تصعيد  ايران العسكري على الحدود العراقية و تكثيف قصف المدفعية  لمناطق وقرى في إقليم كردستان ، توغل القوات البرية داخل الاراضي العراقية ،  لتبيان عدم جاهزية القوات العراقية  على صد الاعتداءات  الخارجية وحماية الحدود تبريراً للحاجة العراقية ببقاء القوات الامريكية  للحماية من تدخلات ايرانية لم تتوقف اثناء وجود القوات الأمريكية ، اذن كيف سيكون الحال بعد انسحابها ، هذه الفكره نجدها وردت فعلاً في تصريح للرئيس الطالباني ، سنتطرق اليه لاحقاً   .
قيام السلطات الإيرانية بقطع مياه نهر الوند عن العراق ،  ادى الى حدوث كارثة انسانية و زراعية اصابت مئات الدونمات من الاراضي  الزراعية والبساتين  وعشرات القرى المستفيدة من مياه النهر  ،  فأستنجد السكان بالحكومة العراقية دون رداً  يذكر منها  على الجانب الإيراني ، بمعنى ان هذا الخرق  السافر على العراق  لم يقابله رداً مناسب من  حكومة  بغداد ! ، القصد منه اشهار ضعف الحكومة وعدم قدرتها على حماية حقوق ابناء شعبها .
   تصريحات الرئيسين العراقيين الصديقين و المقربين لإيران  تمهدان لموقف سياسي يوافق على تمديد بقاء القوات الامريكية .  ناهيك عن تصريحات الإيرانيين  وتأكيدهم  للمرة الثانية  قدرتهم  على ملأ الفراغ الأمني الذي سيخلفه الإنسحاب الأمريكي ، لإشاعة الرعب والرهبة في نفوس العراقيين من نتائج ما بعد الإنسحاب ، فإيران  بنفوذها المستشري في  مفاصل الدولة والحياة العامة مهيمنه على صناعة القرار العراقي ولن تكون بحاجة في المرحلة الراهنة إلى زج قواتها العسكرية في العراق ،  فهدفها إستعمار العراق بأسلوب مختلف عن التواجد العسكري المباشر.
أقتبس فكرة الكاتب والسياسي الفلسطيني المعروف عبد الباري عطوان من مقال سابق له بعنوان " انسحاب من العراق للحرب على إيران " حيث أعتبر ان تقليص عدد القوات الامريكية ربما يكون في اطار الاستعدادات لحرب اخرى، او هروبا من نتائجها، قد تستهدف لبنان اولا، والمنشآت النووية والبنى التحتية الايرانية ثانيا، او الاثنين معا  " ويستطرد القول "الامريكيون يعلمون جيدا ان اي ضربة لايران او لحزب الله في لبنان، قد ترتد جحيما على قواتهم في العراق حيث النفوذ الايراني في ذروته، وحيث يتوقع الكثير من المحللين ان تقع القوات الامريكية فيه فريسة سهلة لانصار ايران وحلفائها وهم الاغلبية ." ، تؤكد لنا هذه القراءة  ان إنسحاب القوات الامريكية من العراق يتقاطع تماماً مع المصالح الإيرانية لما يلحق فيها من ضرراً بالغاً .
الخلاصة تكمن في ان تمديد بقاء القوات الامريكية  في المرحلة الراهنة مصلحة إيرانية  ، عكس ما يروج إعلاميا عن رفض إيران للتواجد الأمريكي في العراق ،  لإستمرار نزيف القوات وبقاء المواقف الأمريكية تحت ضغط المطرقة الإيرانية .   فرضية نيل بعض  حلفاء طهران نصيب من الثورات الشعبيه وتحولاتها الجذرية في المنطقة العربية كابوس يراود قادة النظام الإيراني بأن يتحول الى حقيقة  فيستثمر امريكياً وينعكس سلباً على مشروعهم الإستعماري في المنطقة ، لذا فبقاء الاميركيون في العراق يحول دون ذلك .
انصياعاً لرغبات ومطامح إيران  في العراق وتغاضي الأميركيون عن تدخلاتها السافرة في دول الخليج والمنطقة العربية عموماً .كما ان جلاء  القوات  الى القواعد العسكرية  في الخليج يعزز من تواجدها  العسكري في المنطقة و كذلك  الموقف السياسي للإدارة الأمريكية نسبياً ، مما ينذر دخول الصراع الامريكي الايراني مرحلة التصعيد  ضد طهران او احتمالية نشوب حربا اقليمية شرسة لتقويض النظام الإيراني او الاطاحة به في حال توفرت العوامل المساعدة على ذلك . بعد ان يتخلص  الاميركيون من جحيم المستنقع العراقي الذي شكل عبئا كبيراً عليهم ، وهذا ما لا يريده الإيرانيون في الوقت الراهن.
محمد الياسين