ترجمة

الخميس، 31 مايو 2012

المالكي يُراوح بين خياري الانتخابات المبكرة أو تجميد الدستور!

لا يبدوا هناك بصيص أمل في حل الازمة الراهنة التي تمر بها الطبقة السياسية ، وما تشهده الساحة من حراك ينذر بتصعيد الازمة دون احتوائها ،رغم سعي بعض الاطراف الدينية والسياسية إلى حلحلة الامور والاخذ بها بإتجاه التهدئة ، لاسيما ان خصم المالكي هذه المرة  طرفا قويا واضحا بمواقفه السياسية(سواء أتفقنا أو اختلفنا معه بالرؤى و وجهات النظر)ألا أنها حقيقة أثبتها الواقع السياسي ، كون ان التحالف الكردستاني يعد ركناً أساسياً في تركيب العملية السياسية .
جاء اجتماع وزراء اقليم كردستان في محافظة كركوك ومناقشتهم  اوضاعها الادارية رداً على اجتماع المالكي بوزرائه في نفس المحافظة بوقتاً سابقا ،أضافة كونها تصعيدا للازمة ، فهي سياسة " المواجهة بالمثل " من قبل ساسة الكُرد . في لقاء تلفزيوني تحدث المالكي عن رغبته بذهاب لانتخابات مبكرة  للخروج عن نطاق الازمة أو ذهابه لخيار تجميد الدستور اذا ما فشلت محاولات حل الازمة القائمة ! ، في نبرة لا تخلوا من تهكم وبإشارة صريحة قال ان "الاجتماعات تعقد في أربيل وكذلك تُصدر إلينا المشاكل من هناك " ،استمرار تصاعد وتيرة الحرب الكلامية في الاعلام بين أطراف الأزمة يعني مزيداً من توترات وصراعات سياسية قد تأخذ طابعا اخرا في قادم الأيام .
القارئ الحاذق للمشهد السياسي يعرف جيدا ان التحالف الكردستاني ليس القائمة العراقية التي أنبطح أغلب قادتها أمام المالكي دون خشيه أو حياء  من ناخبيهم والجمهور العراقي ، وخلعهم ثوب الوطنية وشعاراتها التي صموا بها آذان العراقيين ولبسوا ثوب طائفي مقيت بمطالبتهم لإقليم سُني يجزأ العراق الى كانتونات مناطقية مذهبية ، حيازة التحالف الكردستاني وتحديدا السيد البرزاني على اوراق ضغط  تزعج حكومة المالكي تطرح كثيرا من الاحتمالات وتُبقي باب مفتوحا لكثيرا من التكهنات بمسار الاحداث ونتائجها النهائية .                   
محمد الياسين

المالكي دكتاتورا !

لم يعد المالكي كما عهدناه سابقا بإرتداءه قناع ديمقراطية مزيف قبل ان يصل رئاسة الوزراء ، إنفراد المالكي بالسلطة يعود بذاكرتنا إلى الوراء نستحضر فيها معاناة شعبنا من نهج دكتاتوري نهجته الانظمة التي حكمت العراق بحديد ونار، وعود السيد المالكي ومن معه وعلى شاكلته قبل تمكنهم من سلب مقاليد حكم العراق بقوة الاجنبي المحتل دحضتها افعالهم وسياساتهم الاقصائية العدائية ، التي عادت بالعراق إلى عقدة دكتاتورية السلطة وإنفراد حاكم بصناعة القرار .
وضف المالكي ميزانية العراق في شراء ذمم ساسة وشيوخ عشائر ورجال دين و وجهاء وأنشئ قوة ضاربة عبر تكوين أجهزة أمنية قمعية مهمتها تثبيت دعائم سلطة بوليسية يقودها وترتبط مباشرة بمكتبه يلجأ إلى استخدامها بضرب خصومه ومنافسيه السياسيين ، كما حدث بقضية الهاشمي وسيحدث مع أخرين ، طالما أستمر المالكي بالسلطة ، وتسييسه علنا للقضاء في تلفيق قضايا جنائيه وفساد ضد خصومه ومطاردتهم بذريعة القانون!. تحييد المالكي مفوضية الانتخابات عن القيام بمهامها الدستورية عبر فبركة نال بها من رئيس مفوضية الانتخابات ونائبه من اجل " تجنيد" المفوضية لصالحه في الانتخابات القادمة! ليستكمل بولاية ثالثه مشروعه في بناء دولة "خوف وفساد " يحكم بها العراق .
تلميحات المالكي بتجميد الدستور تُعبر عن رغبته في القيام بتصفيات سياسية جديدة عبر اطلاق يد اجهزته الامنية والاتجاه اكثر نحو تصعيد الازمة وعسكرة الصراع السياسي .
محمد الياسين

الاثنين، 14 مايو 2012

المناكفة والاستفزاز السياسي في العراق!

تأتي جولات رئيس حكومة " الأزمات " السيد نوري المالكي بعقد مجلس الوزراء في محافظة كركوك وقبل ذلك في البصرة ، بالتزامن مع خوضه حربا سياسية ضد خصومه التقليدين في " القائمة العراقية " وحلفاءه سابقا في" التحالف الكردستاني " ، لاضهار قوة حكومته وثباته شخصيا بإدارة الأزمة ، رغم مقاطعة وزراء التحالف الكردستاني لاجتماع كركوك ، وتصريح علي الدباغ الناطق بأسم الحكومة بقوله : ان اجتماع كركوك ذات طابعا سياسيا ، ومقاطعة وزراء التحالف الكردستاني لم يكن موفقا وكان عليهم الحضور" . وحديث المالكي أثناء عقد الاجتماع حمل كثير من الايحاءات الواضحة بإستفزاز ومناكفة الساسة الكرد وخاصة السيد مسعود البرزاني  الذي خرج للمرة الاولى عن مربع مهادنة و مسايسة حكومة المركز بإتجاه تصعيد الأزمة ومواجهة المالكي ، وتلويحه بخيار سحب الثقة عن الحكومة أو الاطاحة بها بشكل أو بأخر .
إستضافة إقليم كردستان وخاصة السيد البرزاني لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي " المُطارد " قضائياً من قبل حكومة المركز ، يأتي في سياق الفعل ورد الفعل بمناكفة الكُرد للمالكي ، والزيارات الرسمية التي قام بها البرزاني مؤخرا للدول العربية وتحديداً دول الخليج " المتأزمة علاقاتها مع حكومة المالكي " ولقاء قادتها لمناقشة الازمة السياسية  واشارة البرزاني صريحة برفض الكُرد وتخوفهم من عودة الدكتاتورية والاستفراد بالسلطة في العراق حملت كثير من رسائل الانزعاج والتهديد للمالكي .
تداعيات استمرار حكومة المالكي بخلق الازمات وادمتها عبر التصعيد السياسي والامني و الاعلامي إتجاه الاطراف الاخرى بدأ يصل الى داخل مكونات التحالف الوطني الذي لاشك في ان استمرار المالكي بممارساته الاستفزازية  المتكررة واستفراده بالسلطة لن يبقيه متماسكاً ، خاصة و المتتبع لسياسات المالكي يجد انها تصب باتجاه اقامة سلطة بوليسية بإمتياز ومطلقة الولاء لشخصه ، كما ان استمراره بفتح جبهات الصراع والصدام السياسي داخليا و خارجيا على مصراعيها تضعف من جدوى فرضيات الحلول وتدفع بإتجاه اكثر لاقلمة وتدويل الازمة السياسية في العراق ، التي يبدوا من ملامحها انها دخلت النفق المظلم دون عودة .
   محمد الياسين   

الجمعة، 11 مايو 2012

الإنتخابات السورية..مناورة سياسية من أجل الإستمرار!

انطلقت في سوريا، الاثنين 7 /5/2012 ، أول انتخابات برلمانية بعد صدور قانون سمح بتشكيل الأحزاب السياسية،  ضمن إصلاحات سياسية أقرها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في محاولة لتهدئة انتفاضة شعبية متواصلة منذ مطلع العام الماضي." انتهى إقتباس الخبر".
يبدوا أن أنصار الأسد من منتفعين وإنتهازيين لم يستفيقوا إلى الأن من " صدمة " الأحداث ، وأنه لم يعد يتمتع بشرعية الدستور السوري  الذي يؤهله في الإستمرار حاكما لسوريا ، لم تفلح المبادرات العربية و الاممية على حد سواء في حل الازمة  وتهدئة الاوضاع الملتهبة على كافة الصعد والميادين وإيقاف نزيف الدم المراق على أرض سوريا ، بسبب عدم إلتزام النظام السوري بوعوده التي قطعها بوقف أعمال العنف التي مارسها ولا يزال إتجاه شعبه ، فقد تحولت مدن سوريا خلال عام لساحات حرب مفتوحة إفترشت طرقاتها جثث واشلاء الضحايا .
حديث وزير الأعلام السوري عدنان محمود  مضحك لدرجة تدعوا للسخرية حينما قال : الانتخابات تجري على أساس التعددية السياسية والحزبية وبناء على قانون الانتخابات الجديد الذي أناط الإشراف على الانتخابات بالقضاء المستقل عبر الهيئة العليا للانتخابات "!. لم يخجل الوزير السوري حينما أستشهد بالقضاء واصفا إياه " بالمستقل" فلم يتساءل عن حكم القضاء " العادل" والتوصيف القانوني للجرائم التي أرتكبها نظامه الحاكم على مدى أكثر من عام ضد الشعب السوري ! .
تأتي أكذوبة الانتخابات السورية في ظل إستمرار أعمال عنف وبطش لا تزال السلطة تمارسها إتجاه شعب سوريا ، ونزوح الالاف خارج البلاد هرباً من جحيم الاحداث الامنية  والموت الذي عصف بالمدن والقرى فحولها لخرائب ومقابر جماعية تفوح منها روائح الموت والدمار  ، بحصد الالاف بين شهيداً وجريح ، ناهيك عن المعتقلين الذين تعج بهم سجون نظام " الممانعة "! ، الذي لم يُعرف عنه الممانعة سوى بالاعلام ، فالجولان المحتل من قبل إسرائيل يعد أهدأ منطقة عربية مُحتلة! .لا تتعدى مسرحية الانتخابات في سوريا كونها مناورة سياسية أخرى يحاول الاسد من خلالها كسب مزيداً من الوقت لقمعه الثوار والاستمرار حاكماً على سوريا بشتى الطرق الملتوية والاساليب القذرة .
محمد الياسين

الأربعاء، 9 مايو 2012

قراءة في طبيعة الأزمات السياسية في العراق

من مُسلمات أمور العملية  السياسية أن قادتها لم يتخطوا الأزمات ولن يتخطوها ، لاسيما وأن بعض المعنيين بشأن العملية السياسية والمقربين منها والمنخرطين فيها يصرون  دوماً على تكرار قول أن قادة العملية   " يعتاشون "على الأزمات ، وتأكيدهم على أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يُعد نموذجاً لأولئك القادة .
الملاحظ في النهج المتبع من قبل القادة الحاليين في حال إندلاع أزمة سياسية والتي غالباً تكون أبعادها خارجية أتباعهم لمبدأ تعليق الأزمات بدلاً عن تصفيرها ، كما يُفترض في بعض المسائل حفاظاً على المصلحة الوطنية ، ما يؤدي بتفجير سلسلة أزمات في آن واحد كلما مررنا بأزمة جديدة ، حل مصطلح ترحيل الآزمات محل تصفير الازمات وسياسة عبور مرحلة محل سياسة تثبيت دعائم مكتسبات المرحلة ، أصبحت قواعد أساسية في طبيعة المشهد السياسي وحالة سلوكية أعتاد عليها القادة .
بمعنى أن جوهر الأزمة الحقيقي في كل أزمة هو سلسلة أزمات تراكمية أخذت طابع الازمة الواحدة ، تعليق الأزمات عوضاً عن تصفيرها نهجاً سياسياً نهجهُ قادة الصراع  تنافساً من أجل الفوز بإدارة الأزمة كأقوياء ومواجهة الخصوم كضعفاء وفق سياسية  " مطرقة وسندان " يُلوح بها تارة ويُضرب بها تارة أخرى أن أقتضى الأمر ذلك ،" المالكي نموذجاً مع خصومه " في الامساك بملفات فساد ضدهم يلوح بها بين الحين والاخر  كأداة حسم معركة سياسية ، و بنسب متفاوتة تحتفظ  أطراف الأزمة بأدوات ضاغطه  يلوحون بها كلما إشتدت الأمور وعصفت بهم  ، مع الأخذ بعين الإعتبار بوصلة الإرادات الخارجية المؤثرة في حسم الأمور .
يتأمل بعض الساسة والمتفائلون بحل الأزمة الراهنة بمجرد إنعقاد المؤتمر الذي دعي إليه من قبل أطراف الأزمة السياسية ، عبر تفعيل بنواد إتفاقية أربيل المزعومة! ، رغم أن بعض الساسة المطلعين على مقررات إجتماع أربيل أكدوا في أكثر من مناسبة بجلسات خاصة على عدم وجود أي إتفاق حقيقي " مُوقع " بين القادة السياسيين كما روج في الاعلام  ، سوى الاتفاق في حينها على فقرتين أساسيتين ،الاولى منها الموافقة على ترأس المالكي للحكومة وإصراره على ذلك بعدم الذهاب لاربيل قبل إبلاغه بموافقة الاطراف الرئيسية على ترأسه للحكومة ، والفقرة الثانية تتعلق بتقاسم المناصب والوزارات بين الكتل السياسية .أما بخصوص الورقة المقدمة من قبل التحالف الكردستاني والمدرج فيها تسعة عشر فقرة وغيرها ، لم يتم التوقيع عليها رسميا بين القادة السياسيين . "حسبما أفادت مصادر برلمانية مطلعة بذلك".
 لذا من المتوقع أن المؤتمر المزمع عقده لن يأتي بعصا سحرية  أو يقدم مفاتيح حلول حقيقية لتذويب الازمات السياسية ، وأنما يتوقع منه تعليق للأزمة الحالية وترحيل آخر لمرحلة قادمة لا محال .
محمد الياسين

إيران تتمادى و العرب صامتون!

لا ارى جدية باتجاه تحرك عربي للرد على الممارسات الاستفزازية لايران ، ولم نلمس من قادة الدول العربية وخاصة الخليجية سوى خيبة الامل والخذلان ، بالصمت المخزي والمعيب على التدخلات الفاضحة لايران بشؤون أوطاننا وشعوبنا ، حتى وصل الحال بأنكار الرئيس الايراني للحضارة العربية ، كما جاء على لسانه في زيارته قبل أيام والتي تعد الاولى من نوعها لجزيرة " أبو موسى " العربية ، المُحتلة إيرانياً منذ إنسحاب القوات البريطانية منها بالعام 1971 .
يتطاول مرة أخرى محمود أحمدي نجاد بوقاحته المعهودة وأكاذيبه المكشوفة بالقول ( ان كل الوثائق التاريخية تثبت  أن جزيرة ابو موسى جزيرة ايرانية ) ، ويتبجح بأن الحضارة الفارسية هي الوحيدة التي عرفتها المنطقة ) . كذلك تصريح رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء حسن فيروز آبادي بقوله ( ان الخليج أنتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيران ) . و تهديد القائد السابق للحرس الثوري سكرتير مجمع تشخيص النظام محسن رضائي " بتدمير دولة الامارات ".
وإنكارهم المستمر بإنتماء الخليج للعرب ، وتحريفهم للحقائق التأريخية والجغرافية والسكانية بعائدية جزر( أبو موسى ، طنب الصغرى ، طنب الكبرى ) لدولة الامارات العربية المتحدة ، ومحاولات طمس الهوية العربية لمنطقة الاحواز وشعبها .كلها أدلة دامغة لجمت أفواه المشككين بكراهية الفرس للعرب .
صفاقة وعنصرية الخطاب السياسي والاعلامي لإيران إتجاه العرب لم يأتي بجديد على صعيد مواقف وتصريحات أركان النظام الإيراني ، وأنما جاءت تأكيدا على إستمرار ممارساتهم السابقة بسياساتهم الإستفزازية وتطلعاتهم الاستعمارية لشعوب المنطقة العربية .
 تلك نبذة عن بعض مواقف وتصريحات قادة النظام الايراني عبروا فيها عن كرههم وحقدهم التأريخي  إتجاه العرب ، لم يعد بالامكان أغفال صمت القادة العرب وزعماء دول الخليج عن تلك التدخلات التي أول ما ضربت بالعراق وعصفت به فحولته لساحة إيرانية بإمتياز . واليوم نشهد تمدد " الاخطبوط " الايراني بالدول العربية عبر تدخلاته السافرة ودعواته لقلب أنظمة الحكم وإشاعة الفوضى والاقتتال بين شعوب المنطقة .
 لم يحترم حكام إيران جيرانهم العرب وشركائهم التأريخيين في المنطقة ، الذين صاروا اهدافاً مكشوفه لهم ، وساحات يسرحون ويمرحون بها ، وتطلعات لاطماعهم المريضة واحلامهم الاستعمارية ،بعد  تخطي كل الحدود وتجاوز كل الخطوط الحمراء ، دق ناقوس الخطر و بات امرا واقعا لا محال ، يتطلب من قادة العرب وخاصة زعماء الخليج ، وقفة حقيقة وتصدياً مشروعاً للمطامع الفارسية المريضة ومطالبتهم بالاراضي العربية " المُغتصبة " ، عبر تفعيل كافة أوراق الضغط لدى العرب على إيران دون مهادنة أو تردد أو مساومة .
محمد الياسين

في "مبدأ رامسفيلد"..إستمراراً لإحتلال العراق!

لفهم كيفية استمرار الاحتلال والنفوذ الامريكي في العراق سأتوقف عند شرح ما بات يعرف لدى الاوساط العسكرية الامريكية " بمبدأ رامسفيلد " ، القائم اساسا على ان جوهر القوة العسكرية الامريكية هو بأستخدام قوى مشتركة خفيفة وأسهل حركة في الحرب تدعمها المعلومات الاستخباراتية وقدرات القيادة والسيطرة بما في ذلك مضاعفات القوة ، مثل الأجهزة الفضائية والطائرات غير المأهولة .
وقد شرح رامسفيلد ذلك للجنود المتواجدين في بغداد عقب الحرب على العراق قائلاً بالنص : إننا لسنا بحاجة لأن نسرع على أقدامنا ، إن ما نحتاجه هو إنجاز الأشياء خلال ساعات وأيام بدلاً من الأسابيع والأشهر ، وبأقل قدر من آثار أقدامنا على الأرض .
وكرر هذا المعنى نفسه قائد القوى المشتركة الجنرال " ريتشارد مايرز " فقد أكد على أن هذه الطريقة الأمريكية الجديدة في الحرب فيها قوات مشتركة مرنة الحركة قادرة على رؤية الأعداء والتخطيط والتصرف وتقييم حالة ساحة المعركة بأسرع من ذي قبل .ونتيجة لذلك فإن التأخر الزمني الذي كان مرتبطاً بمعرفة مصدر إطلاق النار والذي كان يستغرق ساعات أو أيام تناقص إلى دقائق  .
وفق مبدأ رامسفيلد فقد حل تعبير فضاء المعركة محل تعبير ساحة المعركة إذ أن الاشتراك بين المجال الجوي والأرضي والبحري والفضائي أصبح ارتباطاً وثيقاً للغاية ويسمح بإستخدام تشكيلات أصغر يمكنها أن تستخدم قوة مبيدة أو غير ذلك بأسرع ما يمكن وبشكل منظم حيث يتحكم بها نظام ضبط ومراقبة ديناميكي مرن .
وفق هذا المبدأ لا اجد انتهاءا لاحتلال العراق ولا يتعدى انسحاب القوات العسكرية التقليدية كونه تغييراً تكتيكياً اتبعته الادارة الامريكية وفق الاستراتيجية العامة إتجاه العراق و المنطقة .
عمليا نترجم مبدأ رامسفيلد واشاراته على أرض الواقع ، بالمهام والأهداف الحقيقية للشركات الأمنية " الأجنبية و العراقية " العاملة في الساحة العراقية ، و خاصة تلك التي دخلت البلاد بعقود أبرمتها مع السفارة والجيش الأمريكيين ، فهي تعد بديل " ذكي وقذر "لإستمرار الإحتلال ، لجأت إليه النخبة الامريكية كغطاء لجيش مُحتل من نوع أخر . فهذه الشركات التي يقدر قوام افرادها وعناصرها بالالاف تتمتع بميزات تختلف عن أفراد وجنود الجيش التقليدي ، من حيث تلقيهم تدريبات قتالية على حرب الشوارع والعصابات ، وكيفية التخفي بين المواطنين وجمع المعلومات الاستخباراتية ، وقيامهم بمهام" قذرة " كالاغتيالات بالقنص ونصب العبوات اللاصقة والخطف ، ونوعية تجهيزاتهم متطورة واوزانها خفيفة واحجامها صغيرة ، لا تشكل عبئ كما هو الحال بالنسبة لافراد وعناصر الجيش التقليدي ،ما يُعينهم على سرعة الحركة والمناورة والرد على مصادر النيران  والاستجابة بسرعة فائقة بتنفيذ المهام الموكلة اليهم ، لارتباطهم بمنظومة مركزية شبكية معقدة مرنة ، تُصدر اوامرها بالتنفيذ  بناءا على معلومات استخبارية دقيقة ، عكس الحال بالنسبة للجيش التقليدي الذي يتطلب وقت طويل لاصدار اوامره الى الوحدات العسكرية بالتحرك .
الفكرة تنطلق من مفهوم عدم تكافئ القدرة العسكرية والتجهيزات التكنلوجية بين الجيش العراقي مع الجيش الامريكي آبان الحرب الأخيرة ، أعقبه بعد الإحتلال عدم تكافئ من حيث حجم خسائر  جيش الأحتلال الأمريكي مع المقاومة العراقية ، التي أعتمدت في بداية الامر أسلوب " الحرب الشبحية " ثم أنتقلت لأسلوب " حرب الشوارع او " حرب العصابات " كما يسميها البعض ، بكلا الحالتان فأن جيش الإحتلال أستُنزف استنزافا عظيما ،فلا يخفى على احدا من المتابعين و المختصين بشأن مجريات وأحداث الساحة القتالية في العراق ، بأن المقاومة المسلحة قد تمكنت على مدى سنوات من تحقيق نجاحات باهرة ومثالية في كثير من الاحيان ضد قوات الإحتلال وإنزلت بهم خسائر بشرية ومادية ونفسية فادحة ، تستحق أن تدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية .!
فأستوجبت تلك الحالة بحث النخبة الأمريكية عن وسائل وأساليب أخرى تُجنب قواتهم الخسائر ، وتمكنهم من الاستمرار بأرض المعركة ، وتُحقق أهدافهم بأقل كلفة وأسرع وقت ، وايضا توهم العالم والشعب الأمريكي بأنهاءهم الحرب بسحب قواتهم التقليدية من العراق.
محمد الياسين

الخميس، 19 أبريل 2012

المؤتمرات الصحفية لنواب الازمة العراقية !

لم اجد ما اصطلح به عليهم افضل من " نواب الازمة " فهم بالفعل نواب ازمة ، ليس بالمعنى الجيد ، وانما  يفتعلون الازمات فيقتاتون عليها دوماً ، من مهازل البرلمان في بغداد لمن يتتبع مؤتمرات اعضاءه الصحفية يجد ان الفاظهم وكلماتهم فيها لا تتعدى السب والشتم وكيل الاتهامات والتخوين بين بعضهم للبعض ، وجميعهم يتفقون فيها على وجود أزمة سياسية تجمعهم ويتحدثون عن ضرورة إيجاد حلول وردية لها ، لكن لا نلمس من انفاسهم " الطيبة جداً " معاناة المواطن اليومية ، ولم المس لمرة واحدة اشارة حقيقية لمعاناة المواطنين ، لا عتب على الاعلام اطلاقا فلولا مهنية بعض وسائل الاعلام في نقل الخبر والمعلومة لما تعرفنا على وجوه نواب الازمة وقدراتهم " الفنية " في تشخيصها ! ، اتمنى ان يتحدث اولئك النواب عن سفراتهم الى خارج العراق واقاماتهم مع عوائلهم في دول الجوار واوربا وعن الليالي الحمراء وسهرات السمر التي يقضيها البعض منهم " وهُم معروفين " ، وحجم المبالغ النقدية و" ارقامها الفلكية " التي تنفقها خزينة العراق عليهم ويتحمل اعباءها الكارثية المواطن العراقي .
فأن كانوا نوابا شيعة حقا الا يقتدون بامامنا علي ابن ابي طالب كرم الله وجه بما كان عليه من زهد وحرص على اموال المسلمين؟! وان كانوا سنة الا يقتدون بعمر ابن الخطاب رضي الله عنه بما كان عليه من زهد وحرص على اموال المسلمين ؟! ..فأين هم من سيرة أولئك العظماء ، وأين هم من مخافة الله  ، وأين هم من بطشه  وانتقامه ؟! .عذراً أيها القارئ العراقي الكريم على التوصيف وليس المقارنة فليس بينهم وبين اولئك الرجال اي وجه للمقارنة وانما  هو فضح وكشف لحقائق لم تعد خافيه  على احدا منا وادعاءاتهم الكاذبة بالاقتداء بهم وبزهدهم وعفتهم وطهارتهم .
وعذراً مرة اخرى على استخدام مصطلحات كريه واشدها كرها وبغضاً الى نفسي ، لكنهم من وضعوا انفسهم مواضع الدفاع الزائف عنها و يفخرون بطائفيتهم المقيته ، وحتى في ذلك هُم كاذبون ، فليست سوى مبررات للعب بعقولكم وقلوبكم وشد انتباهكم لثرثراتهم وتحريك عواطفكم اتجاههم لاستمرارهم بنعيم ثروات العراق وشعبه..!!!.
دائما الكثير من الاسئلة تراودني  اشارككم اليوم بعضاً منها : فمن اولئك القوم ؟! احقاً يمثلوننا ؟!، ام يمثلون انفسهم ؟! ،هل ينصتون بجدية لمعاناتنا ،ام يبحثون عن مصالحهم فقط؟! هل يحملون مشاكلنا وهمومنا محمل الجد ، ام يشغلهم عنها التفكير بزيادة ارصدتهم وشراءهم الفلل والشقق والسيارات الفارهة خارج العراق بأموال الشعب ؟! هل يمثلوننا حقا؟! ام يمثلون دولهم الراعية  ؟! ، هل تفكرون حقا بإعادة انتخابهم مرة اخرى ؟! ام ستبحثون عن فقراء اخرين على شاكلتهم تغنونهم بدخول البرلمان ؟!
دعوتي هنا الى الاخوة الاعلاميين العراقيين الشرفاء ان يعدو برامج وثائقية عن حجم المصروفات التي تنفقها الخزينة العراقية على نواب الازمة في دول اقاماتهم ، وكشف اوضاعهم المادية قبل دخول البرلمان وبعده ، وحياة الترف التي نعرف جانبا منها لبعض منهم والتي يعيشونها خارج العراق وما خفي كان اعظم واعظم ...
فهو واجبا انسانيا ووطنيا واخلاقيا عليكم كعراقيين اولا ، و مهنين ثانيا، وحقا لابناء شعبكم  ان يطلعوا على حجم فساد من يدعون تمثيلهم في برلمان الازمات والكوارث .
محمد الياسين

قراءة تحليلية : كشف خبايا جهنمية سيناريو المنطقة الاقليمية

·      استعراض
·      مداخل الصدام الطائفي الكبير ، والملف السوري.
·      قطبي الصدام ( ايران الصفوية و تركيا العثمانية ).
·      تصريحات ومواقف واحداث استنتاجيه.
·      سياسات التجييش للأعلام المذهبي ، واعادة البناء النفسي والفكري.
·      المؤشرات الكبرى ، والمراحل المتقدمة للسيناريو

إن ادراك مرامي أهداف الإستراتيجية الدولية للشرق الجديد بإعادة ترسيم الخارطة الجيوسياسية والديموغرافية للعالم العربي والاسلامي يدعونا في البحث عن أبرز السيناريوهات المفترضة لتحقق الهدف الدولي ، لم اجد في كل السيناريوهات المحتملة الحدوث أخبث واكثر احكاما من النبش في ارث الماضي القديم الجديد لشعوب المنطقة وتأريخها  ، نفض الغبار عن العقد المذهبية وترتيب المنطقة وفق نماذج خلافية يعد الاكثر خطرا ونجاحا في تحقق اهداف النخبة الدولية ، إعادة ترسيم حدود المنطقة جغرافيا وسياسيا وبشريا يمر عبر فكرة صدام طائفي كبير يشمل دول المنطقة التي يتشكل نسيجها الإجتماعي من سنة وشيعة  كما تتأثر باقي الدول المتواجدة في نطاق الصراع، والصدام الطائفي يمر بالعديد من المراحل اخطرها اليوم عبر سوريا .
 ابرزت الحالة السورية بمعطياتها الجديدة مخرجات كارثية في طبيعة المعادلة الاستراتيجية تجاه المنطقة ، فأحداث سوريا صارت الاكثر تفاعلاً بالعالم الاسلامي والعربي من منظور مذهبي طائفي بات يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل المنطقة برمتها ، اعظم من خطرِ تقسيم العراق ،  تناولت قبل الاحداث السورية بسلسلة مقالات تحليلية تداعيات تقسيم العراق على اسس مناطقية مذهبية طائفية واعتبرت انها المدخل لبلوغ ذروة الصراع الطائفي في عموم المنطقة بسبب ما يعقبه من تخندقات طائفية واسعة النطاق  ، لولا طبيعة المعطيات الراهنة بالمشهد الاقليمي والسوري تحديداً لصار مشروع تقسيم العراق بوابة الولوج لمرحلة الصدام .اما اليوم و في ظل المتغيرات المتسارعة في الحدث السوري يمكننا الجزم بأن سوريا قد اقتربت جداً من كونها اصبحت مدخل رئيسي لبلوغ ذروة الصدام الطائفي بالمنطقة .
ايقنت تماماً ان هذا السيناريو الذي سأتطرق الى شواهده يستوجب لاتمامه استمرار بشار الاسد حاكماً على رأس سلطة فاقدة للشرعية ومضطربة غير مستقرة على الصعيد الامني والسياسي والاجتماعي لمدة تتراوح بين سنة الى ثلاث سنوات تكتمل فيها مقومات الصدام في المنطقة وتتضح المراكز الكبرى لقطبي الصراع .
من الجدير بالذكر قبل ان نتناول شواهد ومعطيات جهنمية هذا السيناريو بمراحله الكبرى علينا ان  ندرك ضرورة عدم الانصات بجدية عالية  لتصريحات المسؤولين الغربيين والامريكيين ، فبقاء بشار الاسد على رأس السلطة سيكون برغبة دولية امريكية غير مُعلنة .
لو كان المجتمع الدولي وامريكا جادين بإزاحة بشار الاسد ونظامه كما حدث في ليبيا بدعم الثوار لتمكنوا من ذلك ، لكن استراتيجيتهم لاشعال المنطقة تقتضي الابقاء على بشار الاسد في الوقت الراهن والابقاء على المعارضة الثورية ايضا ، تاكيداً على هذه القراءة اسرد ما قاله السيد هنري كيسنجر وهو احد كبار واضعي الاستراتيجيات الخارجية لامريكا في لقاءه لاحدى القنوات الاجنبية حول الملف السوري قال بالحرف  
 " سنحرق سوريا من الداخل "!.
كوفي عنان في تقريره حول الوضع في سوريا الى الجمعية العامة للامم المتحدة قال فيه : على المعارضة السورية وقف العنف ، وذكر بأن الجماعات المسلحة في سوريا لا تزال مستمرة بمهاجمة القوات النظامية ،واشار ايضا في تقريره بأنه تلقى وعود من النظام الحاكم بسحب المظاهر المسلحة من المدن ، " في ذلك تبريراً واضحاً " للاسد ، واثنى في بعض الكلمات على نظامه!! ، وختم تقريره بجملة تستحق الوقوف عليها والتمعن بمغزاها جيداً اذ قال : ان رياح التغيير لا يمكن مقاومتها لوقت طويل "!!! ، في ذلك التقرير اشارات واضحة بدعم استمرار الاسد بحكمه ، و اشارة واضحة بأن عامل الزمن كفيل بعملية التغيير في سوريا.! 
صحيفة "يديعوت احرونوت " الاسرائيلية " نعت" سقوط الاسد بعد اكثر من عام على اندلاع الثورة . بحسب الصحيفة  " بعد اندلاع الحرب الاهلية في سوريا بات جيشه يسيطر من جديد على كل المناطق في هذا البلد " . واوعزت الصحيفة أسباب ما أسمته " إنتصار الاسد " الى عدم جدية المجتمع الدولي لاسقاطه ، مما أضعف قدرات الثوار السوريين حسب الصحيفة ، باشارتها الى انه " لا غرو من ناحية الاسد ان يعلن انه أنتصر في هذه الحرب وان معركة أسقاطه قد أنتهت ".
أن الاشارات واضحة في الصحيفة الإسرائيلية عن ان المجتمع الدولي لم يتعامل بجدية مطلقة لإسقاط حكم الاسد واكتفى بالعقوبات وعزله دبلوماسياً ، والترويج ايضاً لفكرة " انتصار" نظام الاسد في المعركة ضد الثوار وبقاءه بالسلطة . 
جاء انعقاد القمة العربية في بغداد بمباركة امريكية ايرانية ،اما الشكل الذي بدت عليه من ضعف بمستوى التمثيل الدبلوماسي للدول المشاركة لم يكن اطلاقا من قبيل صدفه ، فغالبية مواقف الدول العربية المشاركة بالقمة  داعمة منذ البداية للثورة والتغيير في سوريا، وخروج قمة بغداد بموقف غير واضح تجاه الاحداث السورية مؤشر على دعم الجهود السياسية للابقاء على الاسد بالوقت الراهن ، وكما اسلفت ان هذا الموقف جاء برغبة امريكية غير مُعلنة ، وتصريحات السيد المالكي بمؤتمره الصحفي بعد القمة بقوله ان اسقاط نظام الاسد بالقوة امر مرفوض ، دليل اخر على صحة القراءة في مراحل السيناريو ، ثم  انعقاد قمة بغداد يعد انجازا حقق لايران هدفين مهمين في هذه المرحلة ، الاول منها تخفيف الضغط على حليفها السوري وكسبه المزيد من الوقت لترتيب اوضاعه الداخلية وقمعه للثوار ، من جهة اخرى دعم الحليف العراقي وتثبيت وجوده السياسي  في ظل الاضطرابات الداخلية التي تعيشها البلاد مما سيعطي لحكومة المالكي القوة المفرطة بالتصرف مع خصومه والاستمرار في اقصاءهم عن المشاركة الفعلية في صناعة القرار العراقي على المدى القريب .
طلب ايران الذي قدمته للحكومة العراقية لاستضافة الاجتماع الدولي للاعضاء الدائمين في مجلس الامن والمانيا ( مجموعة الخمسة زائد واحد )  في بغداد  بشأن الملف النووي الإيراني عوضا عن انعقاده في انقرة كما كان مقرر جاء بسبب الخلافات بين طهران وانقرة بخصوص الاحداث في سوريا ، يصب في نفس اتجاه تدعيم الهدفين الإيرانيين سالفا الذكر.
جدير بالاشارة هنا ان نذكر ان دخول حكومة المالكي " بتفويض" اقليمي وتجاهل دولي، كطرف فاعل في الملف السوري  ربط مصيره بشكل كبير مع مصير النظام السوري!.
مع بقاء بشار الاسد في سوريا  سيستمر عدم الاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي وتتصاعد عمليات بطش اجهزته الامنية بالثوار ويتسع نطاق العزله الدولية والاقليمية التي يعيشها نظامه وتزداد وتيرة حدة الحرب الكلامية بين كافة اطراف السيناريو " ايران وحلفاءها ، الدول العربية ، تركيا ، الغرب وامريكا " .
اللافت للنظر ان اسرائيل ستكون بمنأى عن الحرب الكلامية ، وتكتفي بالاشارات المستمرة بتوجيه ضربة عسكرية لايران بخصوص برنامجها النووي ، وبعض التصريحات الاخرى التي ستصدر عنها بين الحين والاخر .
كما اسلفت ان الملف السوري بات مدخل رئيسي لبلوغ ذروة الصدام الطائفي في المنطقة ، وفي ذلك مراحل تتصاعد تدريجيا حتى تصل مرحلة اللاعودة بإتجاه الصدام ، نلاحظ اليوم في بعض البرلمانات العربية وخاصة الخليجية بروز ظاهرة  مشادات كلامية بين نواب شيعة واخرين سنة كما حدث في البرلمان الكويتي حول قضية سوريا ،فالشيعة منهم يدعمون النظام السوري من منطلق طائفي والسنة منهم يدعمون الثورة من منطلق طائفي ايضا ، كما حدث ويحدث بخصوص احداث البحرين ، فالشيعة يدعمون تطلعات الشريحة الشيعية بالمجتمع البحريني بتغيير النظام الحاكم والسنة يعدونه مؤامرة ايرانية لقلب نظام الحكم السني .
بكلا الاحوال هي حقائق لا شك فيها ،اذ بات شعور سائد بعدم الثقة  والتخوين بين كافة الاطراف وهو نابع عن خوف و صراع من اجل البقاء لهذا المكون المذهبي او ذاك ، الشاهد في قولي  ان هذه الحقائق  قد تركبت ورسخت بخبث ودهاء ضمن مراحل المشروع الكبير للمنطقة الاقليمية ، ناهيك عن القوى والتيارات الدينية السياسية والاجتماعية السنية والشيعية بعموم دول المنطقة التي اخذت تتبنى هذا الطرح في كل قضية تشتعل هنا وهناك ، صعود التيارات الاسلامية لمواقع السلطة والحكم في الدول التي طالها التغيير تعد من المراحل الخطيرة والمتقدمة في هذا السيناريو ، في ضل غياب الاستقرار وثقافة ادارة الدولة بسبب فوضى التغيير وتمكن ايران توثيق الرابط بينها وبين القوى الشيعية داخل هذه الدول ودعمهم ، وتمكن قوى سنية الافصاح عن تطلعاتها السلطوية والوصول لسدد الحكم .
من يتتبع فضاء الاعلام الواسع اليوم سيجد فورة وهيجان مخيف ببروز الاعلام المذهبي الطائفي ، عشرات الفضائيات السنية والشيعية التي تتناول موادها الاعلامية بصياغة طائفية تعتمد اساليب السب والشتم وكيلها الاتهامات بين بعضها البعض ، وتكفير علماء السنة لعلماء الشيعة وجمهورهم وكذلك تكفير علماء الشيعة لعلماء السنة وجمهورهم وتوظيف الحالة الاعلامية في هذه الفضائيات بدعم التغييرات السياسية السنية والشيعية ضد بعضها البعض والتحريض على قتال السنة للشيعة وقتال الشيعة للسنة ، اللافت للنظر ان تزايد انطلاق هكذا فضائيات ووسائل اعلام مع تصاعد ملحوظ بنسبة المشاهدة والمتابعة من قبل الجمهور الاسلامي والعربي لتلك الفضائيات وفق الانتماءات الطائفية والمذهبية والتفاعل الخطير مع ما تبثه من مواد اعلامية طائفية وسياسية تحريضية .
الخطير في  الامر تمكُن هذه الادوات الاعلامية ان تصنع وجوها دينية من سنة وشيعة يتقبلها جمهور الفريقين وينصت اليها . هذه المرحلة تدخل ايضا ضمن مراحل متقدمة في  السيناريو ببناء حالة عامة نفسية وفكرية تحاكي عواطف الناس وتحثهم على قتال بعضهم البعض وتزرع فيهم شعوراً بمظلومية طوائفهم المذهبية من بعضها البعض ، وبات طبيعي بل ويعتبره البعض من جمهور السنة والشيعة في دول المنطقة واجبا شرعيا ان تتدخل دول كبرى تنتمي لمذهبيتهم وطائفيتهم بشؤونهم الداخلية لنجدتهم ومد يد العون لمساعدتهم .هذا الشعور والتحول الفكري والنفسي السريع اضعف الكثير من روح المواطنة بالتالي عطل الكثير من الحلول المحلية الوطنية وارتفع بالروح الطائفية والنظر  خارج الحدود للبحث عن حلول ونماذج طائفية بامتياز . استنجاد نظام الاسد بإيران وبمليشيات شيعية من لبنان والعراق تقاتل بصفهِ أبناء شعبه للبقاء في حكمه مثال على ذلك . 
جهنمية السيناريو الشيطاني تكمن اهدافها الكبرى بخلق فجوة لا تلجم بين شعوب المنطقة الاسلامية والعربية وشقهم لفريقين مذهبيين متصارعين فريق سُني واخر شيعي ، تشخيص المراحل المتقدمة في السيناريو  تكتمل عند بروز قطبين كبيرين تأريخيين متوازنين في القوى متضادين في العقيدة المذهبية .
المؤشرات الكبرى لقرب مرحلة الصدام  هي ملامح بروز قطب سني كبير في المنطقة لموازنة معادلة الصراع السني الشيعي ، فلم استوعب لمدة قريبة ان تكون السعودية مركز القطب السني الوحيد في هذه المعادلة  ضد ايران القطب الشيعي الكبير، فالسعودية بالرغم من اهميتها وقدسيتها في العالم الاسلامي ولدى السنة تحديدا فهي لا توازي ايران من حيث القوة والمساحة والتعداد البشري ناهيك عن ان السعودية لن تكون مركز مناسب للقطب السني ففيها ورقه ايرانية ضاغطة اخرى هُم شيعة السعودية ، القصد من القطب الذي بدا يبرز في الافق  من خلال القضية السورية هو تركيا ، فتركيا تخطو خطوات متسارعه جدا نحو ان تعود الى امبراطوريتها العثمانية السنية " القطب السُني الكبير " لمواجهة الامبراطورية الصفوية الشيعية " القطب الشيعي الكبير "  .
في الختام اود الاشارة الى ان استعراضي للمشهد الاقليمي لا يتعدى كونه استنتاجا بنيته على معطيات ومؤشرات اعتقدت بها وهو استنتاج يحتمل الخطأ والصواب ، وليس من منطلق مذهبي او طائفي اطلاقاً ، و ارجوا ان اكون مخطئا في تحليلي هذا ، من منطلق الحرص على ارواح الابرياء وسلامة الاوطان والتعايش بسلام ووئام بين كافة شعوب المنطقة ، بغض النضر عن الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية والفكرية ، واتمنى ان تكون قراءتي " للمشهد الكبير " قد احتملت الخطأ وليس الصواب .اما ما يخص طبيعة المواقف السياسية والانسانية التي انتمي اليها وقد يحاول البعض حرفها عن مسارها الذي اؤمن به بإتجاه مسارا اخرا لا اؤمن به اطلاقا وهو  " الطائفية " ،فسيكون  خاطئ تماما بهذا الاعتقاد ، فإيماني بالله مطلق وانتمائي للانسانية حتمي وقناعتي بالدولة المدنية الدستورية والنظام السياسي الليبرالي المعتدل قناعة مطلقة لا غبار عليها .
محمد الياسين

الخميس، 15 مارس 2012

ظاهرة الايمو تغزو شباب العراق..الاسباب والنتائج والحلول

اعتاد  ساسة العراق الجديد! على مجابهة الظواهر الشاذة والغير طبيعية في المجتمع بوسائل سلبية وعنفية لا ترقى لمستوى التعامل مع الانسان بمعنى انهم اعتادوا الهروب من مواجهة الواقع والتعامل معه بوسائل حقيقية جذرية متحضرة كما يفترض منهم ، دون البحث عن الاسباب الحقيقية لتلك الظواهر والتأمل قليلا بما آل اليه مجتمعنا العراقي العريق خلال سنوات الاحتلال الامريكي الايراني ، هنا اتساءل من اعطى الحق لتلك الجماعات المحسوبة بشكل او باخر على احزاب السلطة الدينية في بغداد بأن تخوض بدم العراقيين ؟! ، والاخطر من ذلك حينما تتجه السلطة لاستخدام وسائل قمعية وعنفية بالتعامل مع الظواهر الطارئة على المجتمع ظنا منهم بأنها الوسيلة  القادرة على المعالجة ، بل ان تلك الوسائل اللاإنسانية بالتعامل مع المواطنين وخاصة شريحة الشباب منهم تعطي ردودا عكسية سلبية ، باتجاه التمسك بما صاروا عليه من مظاهر مؤسفة في مجتمعنا اليوم .
كان الاجدر على تلك الجماعات المتشددة قبل ان تصدر احكامها بممارسة طقوسها الشيطانية  على شباب وجد في مظهر الايمو هربا من معاناته اليومية وتحديا واضح لصعوبة ومعاناة الحياة العراقية في ظل الفراغ الذهني والثقافي الذي يعيشونه بأن يحاسب ويعاقب التجار الذين استوردوا تلك الملابس والاكسسوارات  واغرقوا الاسواق بها . لكن مع شديد الاسف في عراق اليوم لا حياة لمن تنادي!.

 أُعزي نفسي وابناء شعبي والجيل الذي انتمي اليه بفقداننا تسعون شابا ظلموا من قبل الساسة ورجال الدين واحيانا المجتمع حينما استباحت تلك المجاميع الظلامية دماءهم بالرجم وتهشيم الرؤوس ! .هذا الفعل الذي اقدمت عليه تلك المجاميع لا يصنف الا في خانة الاجرام والانتهاك الصارخ لحقوق الانسان دون ادنى مراعاة لحرمة دم الانسان .
ولم يكلف ساسة العراق الجديد انفسهم عناء البحث عن اسباب بروز ظاهرة الايمو وغزوها شباب العراق ،و لو تأمل اولئك الساسة قليلا لوجدوا ان صراعاتهم المستمرة على السلطة وعدم التفاتهم لمعاناة الشعب العراقي وشبابه هي السبب فيما وصل اليه شبابنا  .
اذ ان تفشي البطالة والفساد بشتى انواعه وهيمنة الاحزاب الدينية على الجامعات والمعاهد  وبثها روح الكراهية والتفرقة بين الطلبة وتحويل الجامعات  بعد ان كانت صروحا شامخة للعلم والثقافة لمنابر خطب دينية طائفية بامتياز ، وانتشار المخدرات القادمة من ايران بين اوساط الشباب وشرعنة الدعارة تحت مسمى الزواج العرفي والمتعة الذي انتشر في الاونة الاخيرة بشكل واسع بين الشباب  وادى لحدوث كوارث اجتماعية وصحية انتهت بالتفكك الاسري وضياع شبابنا في دهاليز مظلمة شرعنها الطائفيون  السياسيون واستهداف شباب العراق بالقتل والاعتقالات العشوائية والخطف والمساومة مما ادى الى تهجير الملايين منهم خارج وداخل البلاد ، ناهيك عن انعدام البنى التحتية الخدمية للبلاد ، وتدني المستوى التعليمي والثقافي  ، هذه الاسباب ادت لتفكك المنظومة الاجتماعية والاسرية وهروب الشباب نتيجة يأسهم من الواقع الذي يعيشونه الى الضياع الذي صاروا عليه  . ظاهرة الايمو لها من المقدمات والاسباب الشيئ الكثير ويتحمل مسؤولية ما الت اليه اوضاع العراقيين في المقام الاول هم الساسة والاحزاب الدينية الحاكمة .
حين نبحث عن الحلول علينا قبل ذلك ان نشخص الداء في المجتمع  واسبابه ثم البحث عن الطرق العلاجية ولا بد ان تكون جذرية وناجعة ، في الوضع الذي نعيشه في العراق لا يمكن الحديث عن حلول حقيقية طالما استمر الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي مضطرب اذ ان بداية الطريق الى الحل تبدأ من بناء نظام سياسي وطني يؤسس على مبدأ المواطنة الجامعة بإعادة الهيبة الى الهوية الوطنية وتغليبها على الهويات الفرعية والانتماءات الضيقة ،فحاجتنا لبناء الانسان العراقي وتقويمه من جديد اكثر من اي شيئ اخر وذلك لا يتحقق الا بنظام سياسي وطني ورجالا مخلصين اوفياء لشعبهم وقضيتهم . ايضا دور النخب المثقفة لا يقل اهمية عن دور النخب السياسية اذ ان حاجتنا لبناء ثقافة معتدلة تقوم على عدة مفاهيم تنويرية للمواطن العراقي لا تقل عن حاجتنا لنظام حكم وطني لكل العراقيين ، بل هي عامل من عدة عوامل مكملة لبعضها البعض في بناء الدولة والمواطن وتثقيف المجتمع وتوجيهه بالاتجاه الصحيح .
مكافحة الفساد المستشري في مفاصل السلطة اداريا وماليا وخلقيا ، وعزل الدين عن السلطة والحياة السياسية امرا في غاية الاهمية ، بل هو بمثابة حجر الاساس في بناء الدولة والانسان العراقي من جديد ، تفعيل الاقتصاد العراقي من خلال استقطاب رؤوس الاموال العراقية من خارج البلاد وتفعيل دور القطاع الخاص للنهوض بالحركة العمرانية والاقتصادية والتجارية في البلاد وتقنين البطالة  بين صفوف الشباب ومكافحة البطالة المقنعة ،صياغة مناهج ثقافية وتعليمية متطورة قادرة على بناء انسان واقعي متحضر ، تمكين الطاقات الشابة من مجالات الحياة عامة ، وتشجيعهم للخوض في غمار الحياة السياسية والاجتماعية بشكل ايجابي بناء .
محمد الياسين

العراق في ظل التحولات السياسية ..الى اين؟!

بقراءة واقعية لتحولات الاحداث الجارية في الساحة العراقية وخاصة بعد انسحاب قوات الاحتلال يتضح بأن الإستفراد بالسلطة من قبل رئيس الوزراء والحلقة الضيقة المحيطة به من حزبه واعوانه اصبحت اكبر بكثير من ذي قبل ، استناداً لحجم ونوعية الاجراءات التي اتخذها الرئيس المالكي في حربه ضد الخصوم السياسيين واستخدامه لأدوات السلطة التي يتمتع بها، الشرعية منها وغير الشرعية بهدف اقصاء وتهميش كل من في نفسه هدف الوصول للسلطة ومزاحمته في صناعة القرار او حتى المشاركة فيه  وفق الاستحقاق الانتخابي ،بالرغم من ان هذه الاجراءات وفق الميزان السياسي و القانوني تعتبر قفز على الدستور ومصادرة لحقوق الناخب العراقي وتعطيل ان لم نقل الغاء لمبدأ الاستحقاق الانتخابي وما يترتب عليه قانونا وفق الدستور الذي ساهم السيد المالكي بنفسه في صياغة عدد من بنوده وتمريره داخل البرلمان.
في هذه المرحلة من مراحل الصراع من اجل البقاء والهيمنة على مقاليد الحكم  يتضح للعراقيين والعالم بأن الدكتاتورية ممارسة وسلوك داخل السلطة اصبحت امرا واقعا لا محالة في النظام السياسي الجديد.
( هل شارف الرجل الهرم على نهايته الحتميه؟!)،من معطيات ما يجري ان العملية السياسية قد وصلت مرحلة اللاعودة ليس من حيث الخلافات والتجاذبات بين اقطابها الرئيسية  هذا الحال قائم منذ بداياتها بين كافة الاطراف ،تتأزم العلاقات وتعود لطبيعتها في كل مرة  على مدى سنوات وذلك لطبيعة وقواعد اللعبة السياسية التي اوجدها الاحتلال المركب الامريكي الايراني ومواصفات اطراف واركان العملية السياسية ، اذ وصف البعض ان ديمومة هذه العملية والاستمرارية فيها لا يتحقق الا من خلال خلق الازمات وتعقيدها لاستمرار سيطرة حالة الضعف والانقسام في الخارطة السياسية وانعكاساتها على المجتمع، لتغييب دور الدولة العراقية من ميزان المعادلة الاستراتيجية للمنطقة .
وصلت العملية السياسية مرحلة اللاعودة بإتجاه اقامة سلطة دكتاتورية غير عادلة تقودها قلة فاسدة ،تحتكم في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية لمصالح اجنبيه وشخصية ضيقة .
اتضحت المعالم الكبرى للسلطة  الدكتاتورية بعد انسحاب قوات الاحتلال وقيام المالكي بحملة تصفيات سياسية للعديد من الساسة كنائب الرئيس طارق الهاشمي و المطلك وعددا اخرا من قيادات القائمة العراقية ،ولن تقف عند هذا الحد وانما ستطال شخصيات اخرى من داخل العراقية و خارجها ،بأساليب و وسائل متعددة سياسياً و قضائياً واعلامياً  ،وحملات اخرى تقوم بها المجاميع الخاصة  المدعومة ايرانياً من داخل المؤسسة الحكومية وخارجها بالتصفيات الجسدية لعدد اخر من الشخصيات السياسية ، العشائرية ، الاكادمية ..الخ .
اصرار المالكي على استلامه المهام والمسؤوليات الامنية والعسكرية قبل الانسحاب الامريكي  لم يكن  صدفه او حرصاً منه على التوافقات السياسية ، ويفسر الامر بأن هناك خطة درست بإحكام ودخلت حيز التنفيذ الفعلي بعد انسحاب القوات الامريكية.

اخذت الشخصية  المتسلطة للمالكي اطر اوسع من السابق وقد ينجح  بإزاحة الكثيرين من خصومه وتحجيمهم سياسيا واستقطاب البعض الاخر لجانبه وارضاخ الاخرين لسلطته ،و تدوم تلك الحالة لمستوى تحدده طبيعة الظروف المتغيره والتغيرات على الصعيد المحلي والاقليمي . متطلبات ارادة اللاعبين الرئيسيين الامريكي والايراني في الوقت الراهن تعتبر في الغالبية منها عوامل وظروف مُساعدة وخادمة لظاهرة المالكي في السلطة ، ومن المؤكد ان هذه الظاهرة ستاخذ حجماً ومجالاً واسع في الهيمنة وفرض الامر الواقع بالقوة.
 ومؤكد ايضا وفق الحسابات الاستراتيجية فأن الظروف والعوامل التي ساعدت  في ايجاد ظاهرة المالكي بالسلطة لن تكون دائمة او تبقى طويلا ( وفق الحسابات الاستراتيجية ) فهي عوامل وظروف مرحلية متغيرة . محددة بعوامل  منها ماهو ظاهر لدى الساسة والمراقبين للشأن السياسي العراقي والاقليمي ومنها ماهو خفي وغير ظاهر في الوقت الراهن .
محمد الياسين

شبابنا يٌقتلون واطفالنا ييُتمون ونساءنا يُرملون.. ونوابُنا مُترفون مُحصنون مُصفحون بنهبِ أموال العراقِ مُنغمسون هُم والحكومةِ على الشعبِ مُتأمرون

قبل اي شيئ نعزي انفسنا وابناء شعبنا العراقي شيباً وشباباً اطفالاً ونساءً ،على فجاعة الكارثة الدموية التي ضربت مدن العراق و راح ضحيتها مئات الارواح البريئة ،فندعوا الباري عز وجل ان يتغمد ارواح شهداء العراق ، كل العراق جنان الخلد وان يشافي الجرحى منهم  وان يلقي بالسكينة والصبر والسلوان في قلوب ذوي الشهداء فأنه سميع مجيب الدعوات .
لسنا بسذج او اغبياء كي نطالب برلمانيو "ايران وامريكا " الجاثمين على صدور العراقيين  بسحب الثقة عن حكومة المالكي ، اذ يبدوا ان الكل قد تأمر على العراقيين برلمانيون سياسيون وحكوميون دينيون وعلمانيون غالبية الذين انخرطوا في دهاليز العملية السياسية في العراق الامريكي الايراني الجديد ، ولسنا بسذج لتنطلي علينا اكاذيب الحكومة بالقاءها اللوم على البعث والقاعدة ، هذان "البعبعان" اللذان اختلقتهما المخابرات الامريكية  والايرانية وروج لهم ساسة العراق الجديد! .
تسعة وعشرون تفجيراً استهدفت عدداً من المدن العراقية وقلب العاصمة بغداد في غضون اربعة وعشرين ساعة راح ضحيتها  المئات بين شهيدا وجريح ، تلك الكارثة لوحدها تعد دليلا دامغا على عجز وضعف وفشل الاداء الحكومي في كافة مرافقه ان كان له اداء اساسا سوى تلفيق التهم والاعتقالات والمداهمات و"تفصيخ" البلاد وتصديرها لجارة الشر والسوء ، وتقديم ارواح العراقيين كقرابين لها . عند تشخيص من يتحمل مسؤولية الملف الامني في العراق لا نجد من نشير اليه ونحمله كامل المسؤولية سوى المالكي فهو وزير الدفاع والداخلية والامن الوطني والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس جهاز المخابرات ، اي انه المسؤول الاول والاخير عن اي خرق امني مهما كان حجمه ، فكيف يكون الحال ونحن نتحدث عن فقدان مئات الشهداء والجرحى في هجمات فوضوية دموية اشاعت الرعب في نفوس المواطنين طالت مختلف مدن البلاد ؟!
لا تفسير للحالة الفوضوية في العراق سوى القول بأن انغماس الساسة بالصراعات فيما بينهم من اجل السلطة والنفوذ ومواقع الحكم ابعدتهم تماما عن معاناة المواطن العراقي  وعمقت الفجوة بينهم وبين المواطن واشاعت حالة من التوتر بين المواطن والمسؤول والذي اسميه           " بالطلاق " الذي وقع بين الشعب والساسة المسؤولين .
 في الوقت الذي تستمر فيه دوامة العنف والموت والدمار تحصد بارواح العراقيين  يصوت برلمان " المُترفين " بالاغلبية   على شراء 350 سيارة مصفحة للنواب بقيمة 60 مليون دولار تستقطع من اموال العراق لضمان حماية نوابنا الافاضل!! نوابنا يبحثون عن تحصين انفسهم وهم قابعون في المنطقة الخضراء المحصنة بينما شعبهم يموت فقرا وجوعا ناهيك عن ما تقوم به مفخخات الارهاب التي يصدرها اصدقاء النواب ! وولاة امورهم! .الم يكن الاجدر بهذا المجلس الفاشل العاجز ان يخصص تلك الملايين على توفير الخدمات للمواطن؟ او تحسين مفردات البطاقة التموينية؟ او شراء محطات لتوليد الكهرباء ؟ او تخصيص معونات مالية للعاطلين كسائر الدول المتحضرة ؟ام ان ارواح النواب اقدس من ارواح الشعب العراقي ؟!
تزامنت التفجيرات الدامية مع حلول الذكرى الاولى لانتفاضة الغضب التي عمت اغلب مدن البلاد ، في هذه المناسبة لا يسعني الا القول بأن العراق واهله الاصليون قد ابتلاهم الله بمجموعة لصوص يتحكمون بنا ، فعلينا ان ندرك حقيقة اننا لسنا تونس التي وقف جيشها مع الشعب لاسقاط بن علي ولسنا مصر التي ساند جيشها الشعب في ثورته ضد مبارك ولسنا ليبيا التي انتفض اهلها عن بكرة ابيهم للاطاحة بالقذافي ولسنا اليمن التي ثار شعبها ولسنا سوريا ايضا التي ثار شعبها  رغم العنف والقمع الذي مارسته عصابات الاسد والحرس الثوري الايراني وعصابات حزب الله ضد الشعب السوري الذي وجد لنفسه  ملاذا امنا وسلاحا قادرا من خلاله على التغيير بالجيش السوري الحر ، نعم هذه الحقيقة المرة ، هذا واقعنا فغالبية الجيش الحالي مجموعة من الهواة وعناصر الميليشيات والاحزاب الطائفية سنية وشيعية ، لذا فأن التغيير الحقيقي لن يأتي من خلال عملية سميت زورا وبهتانا بالسياسية صُنعت وصدرت الى العراق من دول المنشأ " ايران و امريكا" ، وانما التغيير يأتي من خلال الشعب وعلينا ان ندرك ايضا اننا في عصر الربيع فليس من المنطق والعقل ان نرضى بانصاف الحلول، وعلى التغيير ان يكون جذريا وشاملا.
محمد الياسين

الحالة العراقية في ضل الديمقراطية الطائفية!

تقوم الثقافة الديمقراطية على جملة مفاهيم وامور تعد مرتكزات اساسية في بناء المجتمع والدولة،في المقدمة منها ترويج  ثقافة الانفتاح ،الرأي والرأي الاخر، الايمان بحرية التعبير والمشاركة الحقيقية الفعالة لقوى وتيارات المجتمع المدني في صناعة القرار، تثقيف المواطن بحقوقه وواجباته الوطنية وتفعيل دوره في الحياة السياسية وبناء المجتمع، تعزيز الثقة بين الحاكم والمحكوم وايضا بين المواطن و الدولة فهو جزأ لا يتجزأ منها ،بناء نظام مؤسسي يقوم على اساس فصل السلطات الرئيسية بعضها عن بعض والمكونة لاطار الدولة العام  التشريعية و التنفيذية و القضائية وتفعيل الدور الرقابي على الاداء الحكومي ، وضمان استقلالية القضاء ونزاهة الاجراءات القانونية وسياقات المؤسسة الانتخابية ، كذلك عزل المؤسسة العسكرية والامنية عن الحياة السياسية واختيار القادة العسكريين والامنيين على اساس الكفاءة والمهنية لاستمرار عمل هذه المؤسسات وفق النهج الوطني والمهني بعيداً عن التأثيرات والتغيرات السياسية لضمان عدم عسكرة الحالة السياسية ،مثلما حدث في العراق.
 على هذا الاساس ننطلق من هذه الثقافة نحو مفهوم التداول السلمي للسلطة في البلاد ، الذي يعد من اهم اوجه الديمقراطية المتقدمة في العالم وتترجم بشكل خاطئ في العراق من قبل " الدينيون السياسيون ".
المقصود بمفهوم الاغلبية او الاقلية والتعددية داخل النظام الرئاسي والحياة السياسية هو اغلبية او اقلية التمثيل السياسي داخل قبة البرلمان ثم الحكومة وليس اغلبية او اقلية التمثيل الطائفي، والتعددية السياسية وليس القصد منها التعددية الطائفية او العرقية ، هذا في اطار الحديث عن مفهوم دولة مواطنة في ضل نظام ديمقراطي حقيقي ،اما الحديث عن اغلبية او اقلية طائفية او عرقية بلغة السياسة وما يترتب عليها من تحقيق مكاسب فئة دون اخرى او على حساب باقي فئات المجتمع فهذا لا يتم الا في اطار دولة طائفية وعنصرية وهو بعيد كل البعد عن جوهر مفهوم الثقافة الديمقراطية ، وهذا ما حدث ويحدث في عراق اليوم ، ( مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة النموذج السياسي العراقي بعد العام 2003 ، حيث ان قوى الاسلام السياسي المهيمنة على صناعة القرار التشريعي النيابي والتنفيذي الحكومي لم تحقق مكاسب فعلية لمن تدعي تمثيلهم طائفيا في البرلمان والحكومة واقتصر تحقيقهم المكاسب للاحزاب والقوى السياسية  التي ينتمون اليها )  .
بإختصار نستطيع القول بأن استمرار سيطرة لغة المفاهيم والافكار الضيقة على عقلية الحاكم والمسؤول في صناعة واتخاذ القرار واشتداد نزعات التطرف الطائفي او العرقي العنصري لدى اصحاب السلطة والنفوذ لن يفضي الا لمزيد من اراقة الدماء البريئة وهدر المال العام لمصلحة نخب فاسدة واضعاف البلاد وصولا لتقسيمها .
وان لم يتخلى ساسة السلطة والنخب عن المسميات الطائفية او العرقية ومغادرة دائرة التخندق ومفهوم الطائفة الضيق نحو الانفتاح على فضاء المواطنة الواسع لن نتمكن مستقبلاً من الحديث عن بناء دولة مواطنة و مؤسسات ،و بالتالي لن نتمكن اطلاقاً من  الحديث عن الديمقراطية الحقيقية في ضل استمرار سيطرة الحالة الطائفية على المشهد السياسي العراقي .
محمد الياسين

اسئلة عراقية..الانسحاب الامريكي الغير مسؤول ، وفاء من لمن؟!

مأساة العراقيين في القرن الحادي والعشرين جراء الاحتلال الامريكي وما اعقبه من مآسي وكوارث لا تختلف بشيئ عن مأساة الهولوكوست لليهود ونكبة 1948 للفلسطنيين ، ذاق العراقيون مرارة الكأس المسموم وبشاعة الموت والعذاب والفقر والتشرد  .
وصل العراقيون بعد تسع سنوات عجاف الى نهاية حقبة الاحتلال الامريكي الذي وصف من قبل حكومة بغداد بأنه يوم " وفاء " وهنا لا اعلم وفاء من لمن؟! ، هل هو وفاء امريكا للساسة العراقيين بتدمير الدولة العراقية ؟! ام هو وفاءهم بتسليم البلاد بالكامل لمرجعيتهم السياسية التقليدية في طهران؟! ام وفاءهم بقتل وتشريد الملايين من ابناء شعب العراق ؟! .
اتساءل عن مدى دقة تصريحات مسؤولين في الادارة الامريكية وصفو بها انسحاب قوات بلادهم من العراق " بالمسؤول " ،فهل تنصل المحتل الامريكي عن مسؤولياته الاخلاقية والقانونية وربما رفع الوصاية الامريكية جزئيا او كليا عن الملف العراقي تاركين خلف ظهورهم الملايين من الشهداء والجرحى والمعاقين واليتامى والارامل والمشردين يوصف بالمسؤول؟!
هل اعلان الادارة الامريكية سحب قواتها من العراق يعتبر انهاء فعلي للاحتلال ؟، مع بقاء سفارة تعد الاكبر من نوعها في العالم ، بالاف الموظفين والمنتسبين والمتعاقدين الامنين ! .وهل انسحاب قوات الاحتلال الامريكي كاف لرد اعتبار العراقيين ؟!.
يأت قرار " الهروب " الامريكي من العراق في وقت تُحرق فيه البلاد بفوضى الخلافات  السياسية  .وغياب الامن وفقدان الاستقرار بسبب عدم وجود مؤسسة عسكرية مهنية  قادرة على حماية حدود البلاد من التهديدات و التدخلات الخارجية  ،وعدم جاهزية قوات الامن والشرطة  بالحفاظ على امن ونظام الوطن وحماية المواطن من الجهات العابثة بالاستقرار ، مع تعاظم نفوذ " الاحتلال " الايراني وهيمنته على كافة مفاصل الحياة العراقية وصناعة القرار الحكومي واحتمالات التدخل العسكري اذا ما اقتضت ضرورة ذلك بسبب تحولات المنطقة الجذرية وتغيرات ملامح الاطر الاستراتيجية فيها؟!
في ظل هذا المشهد المتشعب والمعقد فهل من المنطق ان نسمي انسحاب القوات الامريكية الغازية من العراق بالمسؤول  ؟!.
استناداً للقراءات الواقعية للاحداث الجارية نستنتج بأن العراق باقً تحت وطأة نفوذ الاحتلال حتى بعد انسحاب القوات الامريكية ، قد يتفق او يختلف البعض على هذه القراءة ، لكن مع بقاء سفارة بحجم السفارة الامريكية في العراق وعشرات الشركات الامنية المتعاقدة على حمايتها حيث يبلغ عدد عناصرها بالالاف دون مبالغة مزودين بأحدث الاسلحة المتطورة والتكنلوجيا العالية التي دخلت حيز الاستخدام في حروب المستقبل ، يحملنا بالقول بأن نفوذ الاحتلال وتحركاته لا تزال متواجده على الاراضي العراقية ، ناهيك عن هذا، استمرار بقاء الاحتلال الايراني وتعاظم نفوذه وقوته بعد انسحاب القوات الامريكية وتصريح احد القادة الايرانيين بأنهم  صاروا اصحاب النفوذ الاقوى في العراق يؤكد هذه الحقيقة، فالاحتلال الايراني هو الاخطر من نوعه على الاطلاق ويحق لنا ان نسميه بالاستعمار الجديد القديم .
مؤكد لدينا كعراقيين ان يوم الانسحاب الامريكي يعتبر يوم نصر حقيقي للمقاومة العراقية الوطنية التي لم تتلطخ ايديها بدماء العراقيين ووفاءا لدماء الشهداء وحسرات الارامل ودموع اليتامى ، نعم انه النصر الذي لم يكتمل بعد !
حينما نصف الانسحاب الامريكي بالغير مسؤول فأذن هناك من يتحمل نتائجه الوخيمة!،لاشك في ان حكومة السيد المالكي تتحمل مسؤولية اخلاقية وتأريخية امام الشعب العراقي فلم تتكلف عناء المطالبة بتعويض العراقيين جراء ما لحقهم من كوارث ومآسي سببها الاحتلال ولم تتكلف  عناء مطالبة المحتل الامريكي  الاعتذار الى الشعب العراقي جراء الغزو والاحتلال الغير مشروع ، واكتفى المالكي بشكر الاميركيين على احتلالهم العراق وسماه بيوم الوفاء ! ، وكأنهم اوفوا حقا بوعودهم الوردية التي قطعوها للعراقيين اثناء الغزوا وبعد الاحتلال بأن يجعلوا العراق نموذجا للديمقراطية يحتذى به في المنطقة ! ، تلك الديمقراطية التي تكشف زيفها واتضحت حقيقتها السوداء ، فأي ديمقراطية يتبجح بها ساسة العراق الجدد في ظل الارقام الفلكية للشهداء والارامل والايتام والمعتقلين والمعذبين والمعدومين فقرا وجوعا ؟!، اي ديمقراطية  تصدر في زمنها العراق  مراكز متقدمة عالميا بتردي مستوى الحياة العامة وتزايد نسبة الفقر بشكل مهول وازدهار ظواهر الفساد والرشى والمحسوبية ، أي ديمقراطية والانسان العراقي اصبح هدف سهل المنال لكل من هب ودب من خارج الحدود ، اي ديمقراطية والملايين من العراقيين شُردوا في دول الجوار والعالم باحثين عن ملاذا امن لهم ووطنا بديل ؟!هذه الاسئلة  اضعها امام القارئ الكريم، واطرحها على ساسة العراق الجدد وحكامه فهل بامكانهم الاجابة عليها بصدق وامانة؟!
محمد الياسين