ترجمة

الخميس، 15 مارس 2012

ظاهرة الايمو تغزو شباب العراق..الاسباب والنتائج والحلول

اعتاد  ساسة العراق الجديد! على مجابهة الظواهر الشاذة والغير طبيعية في المجتمع بوسائل سلبية وعنفية لا ترقى لمستوى التعامل مع الانسان بمعنى انهم اعتادوا الهروب من مواجهة الواقع والتعامل معه بوسائل حقيقية جذرية متحضرة كما يفترض منهم ، دون البحث عن الاسباب الحقيقية لتلك الظواهر والتأمل قليلا بما آل اليه مجتمعنا العراقي العريق خلال سنوات الاحتلال الامريكي الايراني ، هنا اتساءل من اعطى الحق لتلك الجماعات المحسوبة بشكل او باخر على احزاب السلطة الدينية في بغداد بأن تخوض بدم العراقيين ؟! ، والاخطر من ذلك حينما تتجه السلطة لاستخدام وسائل قمعية وعنفية بالتعامل مع الظواهر الطارئة على المجتمع ظنا منهم بأنها الوسيلة  القادرة على المعالجة ، بل ان تلك الوسائل اللاإنسانية بالتعامل مع المواطنين وخاصة شريحة الشباب منهم تعطي ردودا عكسية سلبية ، باتجاه التمسك بما صاروا عليه من مظاهر مؤسفة في مجتمعنا اليوم .
كان الاجدر على تلك الجماعات المتشددة قبل ان تصدر احكامها بممارسة طقوسها الشيطانية  على شباب وجد في مظهر الايمو هربا من معاناته اليومية وتحديا واضح لصعوبة ومعاناة الحياة العراقية في ظل الفراغ الذهني والثقافي الذي يعيشونه بأن يحاسب ويعاقب التجار الذين استوردوا تلك الملابس والاكسسوارات  واغرقوا الاسواق بها . لكن مع شديد الاسف في عراق اليوم لا حياة لمن تنادي!.

 أُعزي نفسي وابناء شعبي والجيل الذي انتمي اليه بفقداننا تسعون شابا ظلموا من قبل الساسة ورجال الدين واحيانا المجتمع حينما استباحت تلك المجاميع الظلامية دماءهم بالرجم وتهشيم الرؤوس ! .هذا الفعل الذي اقدمت عليه تلك المجاميع لا يصنف الا في خانة الاجرام والانتهاك الصارخ لحقوق الانسان دون ادنى مراعاة لحرمة دم الانسان .
ولم يكلف ساسة العراق الجديد انفسهم عناء البحث عن اسباب بروز ظاهرة الايمو وغزوها شباب العراق ،و لو تأمل اولئك الساسة قليلا لوجدوا ان صراعاتهم المستمرة على السلطة وعدم التفاتهم لمعاناة الشعب العراقي وشبابه هي السبب فيما وصل اليه شبابنا  .
اذ ان تفشي البطالة والفساد بشتى انواعه وهيمنة الاحزاب الدينية على الجامعات والمعاهد  وبثها روح الكراهية والتفرقة بين الطلبة وتحويل الجامعات  بعد ان كانت صروحا شامخة للعلم والثقافة لمنابر خطب دينية طائفية بامتياز ، وانتشار المخدرات القادمة من ايران بين اوساط الشباب وشرعنة الدعارة تحت مسمى الزواج العرفي والمتعة الذي انتشر في الاونة الاخيرة بشكل واسع بين الشباب  وادى لحدوث كوارث اجتماعية وصحية انتهت بالتفكك الاسري وضياع شبابنا في دهاليز مظلمة شرعنها الطائفيون  السياسيون واستهداف شباب العراق بالقتل والاعتقالات العشوائية والخطف والمساومة مما ادى الى تهجير الملايين منهم خارج وداخل البلاد ، ناهيك عن انعدام البنى التحتية الخدمية للبلاد ، وتدني المستوى التعليمي والثقافي  ، هذه الاسباب ادت لتفكك المنظومة الاجتماعية والاسرية وهروب الشباب نتيجة يأسهم من الواقع الذي يعيشونه الى الضياع الذي صاروا عليه  . ظاهرة الايمو لها من المقدمات والاسباب الشيئ الكثير ويتحمل مسؤولية ما الت اليه اوضاع العراقيين في المقام الاول هم الساسة والاحزاب الدينية الحاكمة .
حين نبحث عن الحلول علينا قبل ذلك ان نشخص الداء في المجتمع  واسبابه ثم البحث عن الطرق العلاجية ولا بد ان تكون جذرية وناجعة ، في الوضع الذي نعيشه في العراق لا يمكن الحديث عن حلول حقيقية طالما استمر الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي مضطرب اذ ان بداية الطريق الى الحل تبدأ من بناء نظام سياسي وطني يؤسس على مبدأ المواطنة الجامعة بإعادة الهيبة الى الهوية الوطنية وتغليبها على الهويات الفرعية والانتماءات الضيقة ،فحاجتنا لبناء الانسان العراقي وتقويمه من جديد اكثر من اي شيئ اخر وذلك لا يتحقق الا بنظام سياسي وطني ورجالا مخلصين اوفياء لشعبهم وقضيتهم . ايضا دور النخب المثقفة لا يقل اهمية عن دور النخب السياسية اذ ان حاجتنا لبناء ثقافة معتدلة تقوم على عدة مفاهيم تنويرية للمواطن العراقي لا تقل عن حاجتنا لنظام حكم وطني لكل العراقيين ، بل هي عامل من عدة عوامل مكملة لبعضها البعض في بناء الدولة والمواطن وتثقيف المجتمع وتوجيهه بالاتجاه الصحيح .
مكافحة الفساد المستشري في مفاصل السلطة اداريا وماليا وخلقيا ، وعزل الدين عن السلطة والحياة السياسية امرا في غاية الاهمية ، بل هو بمثابة حجر الاساس في بناء الدولة والانسان العراقي من جديد ، تفعيل الاقتصاد العراقي من خلال استقطاب رؤوس الاموال العراقية من خارج البلاد وتفعيل دور القطاع الخاص للنهوض بالحركة العمرانية والاقتصادية والتجارية في البلاد وتقنين البطالة  بين صفوف الشباب ومكافحة البطالة المقنعة ،صياغة مناهج ثقافية وتعليمية متطورة قادرة على بناء انسان واقعي متحضر ، تمكين الطاقات الشابة من مجالات الحياة عامة ، وتشجيعهم للخوض في غمار الحياة السياسية والاجتماعية بشكل ايجابي بناء .
محمد الياسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق