ترجمة

الخميس، 31 مايو 2012

المالكي يُراوح بين خياري الانتخابات المبكرة أو تجميد الدستور!

لا يبدوا هناك بصيص أمل في حل الازمة الراهنة التي تمر بها الطبقة السياسية ، وما تشهده الساحة من حراك ينذر بتصعيد الازمة دون احتوائها ،رغم سعي بعض الاطراف الدينية والسياسية إلى حلحلة الامور والاخذ بها بإتجاه التهدئة ، لاسيما ان خصم المالكي هذه المرة  طرفا قويا واضحا بمواقفه السياسية(سواء أتفقنا أو اختلفنا معه بالرؤى و وجهات النظر)ألا أنها حقيقة أثبتها الواقع السياسي ، كون ان التحالف الكردستاني يعد ركناً أساسياً في تركيب العملية السياسية .
جاء اجتماع وزراء اقليم كردستان في محافظة كركوك ومناقشتهم  اوضاعها الادارية رداً على اجتماع المالكي بوزرائه في نفس المحافظة بوقتاً سابقا ،أضافة كونها تصعيدا للازمة ، فهي سياسة " المواجهة بالمثل " من قبل ساسة الكُرد . في لقاء تلفزيوني تحدث المالكي عن رغبته بذهاب لانتخابات مبكرة  للخروج عن نطاق الازمة أو ذهابه لخيار تجميد الدستور اذا ما فشلت محاولات حل الازمة القائمة ! ، في نبرة لا تخلوا من تهكم وبإشارة صريحة قال ان "الاجتماعات تعقد في أربيل وكذلك تُصدر إلينا المشاكل من هناك " ،استمرار تصاعد وتيرة الحرب الكلامية في الاعلام بين أطراف الأزمة يعني مزيداً من توترات وصراعات سياسية قد تأخذ طابعا اخرا في قادم الأيام .
القارئ الحاذق للمشهد السياسي يعرف جيدا ان التحالف الكردستاني ليس القائمة العراقية التي أنبطح أغلب قادتها أمام المالكي دون خشيه أو حياء  من ناخبيهم والجمهور العراقي ، وخلعهم ثوب الوطنية وشعاراتها التي صموا بها آذان العراقيين ولبسوا ثوب طائفي مقيت بمطالبتهم لإقليم سُني يجزأ العراق الى كانتونات مناطقية مذهبية ، حيازة التحالف الكردستاني وتحديدا السيد البرزاني على اوراق ضغط  تزعج حكومة المالكي تطرح كثيرا من الاحتمالات وتُبقي باب مفتوحا لكثيرا من التكهنات بمسار الاحداث ونتائجها النهائية .                   
محمد الياسين

المالكي دكتاتورا !

لم يعد المالكي كما عهدناه سابقا بإرتداءه قناع ديمقراطية مزيف قبل ان يصل رئاسة الوزراء ، إنفراد المالكي بالسلطة يعود بذاكرتنا إلى الوراء نستحضر فيها معاناة شعبنا من نهج دكتاتوري نهجته الانظمة التي حكمت العراق بحديد ونار، وعود السيد المالكي ومن معه وعلى شاكلته قبل تمكنهم من سلب مقاليد حكم العراق بقوة الاجنبي المحتل دحضتها افعالهم وسياساتهم الاقصائية العدائية ، التي عادت بالعراق إلى عقدة دكتاتورية السلطة وإنفراد حاكم بصناعة القرار .
وضف المالكي ميزانية العراق في شراء ذمم ساسة وشيوخ عشائر ورجال دين و وجهاء وأنشئ قوة ضاربة عبر تكوين أجهزة أمنية قمعية مهمتها تثبيت دعائم سلطة بوليسية يقودها وترتبط مباشرة بمكتبه يلجأ إلى استخدامها بضرب خصومه ومنافسيه السياسيين ، كما حدث بقضية الهاشمي وسيحدث مع أخرين ، طالما أستمر المالكي بالسلطة ، وتسييسه علنا للقضاء في تلفيق قضايا جنائيه وفساد ضد خصومه ومطاردتهم بذريعة القانون!. تحييد المالكي مفوضية الانتخابات عن القيام بمهامها الدستورية عبر فبركة نال بها من رئيس مفوضية الانتخابات ونائبه من اجل " تجنيد" المفوضية لصالحه في الانتخابات القادمة! ليستكمل بولاية ثالثه مشروعه في بناء دولة "خوف وفساد " يحكم بها العراق .
تلميحات المالكي بتجميد الدستور تُعبر عن رغبته في القيام بتصفيات سياسية جديدة عبر اطلاق يد اجهزته الامنية والاتجاه اكثر نحو تصعيد الازمة وعسكرة الصراع السياسي .
محمد الياسين

الاثنين، 14 مايو 2012

المناكفة والاستفزاز السياسي في العراق!

تأتي جولات رئيس حكومة " الأزمات " السيد نوري المالكي بعقد مجلس الوزراء في محافظة كركوك وقبل ذلك في البصرة ، بالتزامن مع خوضه حربا سياسية ضد خصومه التقليدين في " القائمة العراقية " وحلفاءه سابقا في" التحالف الكردستاني " ، لاضهار قوة حكومته وثباته شخصيا بإدارة الأزمة ، رغم مقاطعة وزراء التحالف الكردستاني لاجتماع كركوك ، وتصريح علي الدباغ الناطق بأسم الحكومة بقوله : ان اجتماع كركوك ذات طابعا سياسيا ، ومقاطعة وزراء التحالف الكردستاني لم يكن موفقا وكان عليهم الحضور" . وحديث المالكي أثناء عقد الاجتماع حمل كثير من الايحاءات الواضحة بإستفزاز ومناكفة الساسة الكرد وخاصة السيد مسعود البرزاني  الذي خرج للمرة الاولى عن مربع مهادنة و مسايسة حكومة المركز بإتجاه تصعيد الأزمة ومواجهة المالكي ، وتلويحه بخيار سحب الثقة عن الحكومة أو الاطاحة بها بشكل أو بأخر .
إستضافة إقليم كردستان وخاصة السيد البرزاني لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي " المُطارد " قضائياً من قبل حكومة المركز ، يأتي في سياق الفعل ورد الفعل بمناكفة الكُرد للمالكي ، والزيارات الرسمية التي قام بها البرزاني مؤخرا للدول العربية وتحديداً دول الخليج " المتأزمة علاقاتها مع حكومة المالكي " ولقاء قادتها لمناقشة الازمة السياسية  واشارة البرزاني صريحة برفض الكُرد وتخوفهم من عودة الدكتاتورية والاستفراد بالسلطة في العراق حملت كثير من رسائل الانزعاج والتهديد للمالكي .
تداعيات استمرار حكومة المالكي بخلق الازمات وادمتها عبر التصعيد السياسي والامني و الاعلامي إتجاه الاطراف الاخرى بدأ يصل الى داخل مكونات التحالف الوطني الذي لاشك في ان استمرار المالكي بممارساته الاستفزازية  المتكررة واستفراده بالسلطة لن يبقيه متماسكاً ، خاصة و المتتبع لسياسات المالكي يجد انها تصب باتجاه اقامة سلطة بوليسية بإمتياز ومطلقة الولاء لشخصه ، كما ان استمراره بفتح جبهات الصراع والصدام السياسي داخليا و خارجيا على مصراعيها تضعف من جدوى فرضيات الحلول وتدفع بإتجاه اكثر لاقلمة وتدويل الازمة السياسية في العراق ، التي يبدوا من ملامحها انها دخلت النفق المظلم دون عودة .
   محمد الياسين   

الجمعة، 11 مايو 2012

الإنتخابات السورية..مناورة سياسية من أجل الإستمرار!

انطلقت في سوريا، الاثنين 7 /5/2012 ، أول انتخابات برلمانية بعد صدور قانون سمح بتشكيل الأحزاب السياسية،  ضمن إصلاحات سياسية أقرها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في محاولة لتهدئة انتفاضة شعبية متواصلة منذ مطلع العام الماضي." انتهى إقتباس الخبر".
يبدوا أن أنصار الأسد من منتفعين وإنتهازيين لم يستفيقوا إلى الأن من " صدمة " الأحداث ، وأنه لم يعد يتمتع بشرعية الدستور السوري  الذي يؤهله في الإستمرار حاكما لسوريا ، لم تفلح المبادرات العربية و الاممية على حد سواء في حل الازمة  وتهدئة الاوضاع الملتهبة على كافة الصعد والميادين وإيقاف نزيف الدم المراق على أرض سوريا ، بسبب عدم إلتزام النظام السوري بوعوده التي قطعها بوقف أعمال العنف التي مارسها ولا يزال إتجاه شعبه ، فقد تحولت مدن سوريا خلال عام لساحات حرب مفتوحة إفترشت طرقاتها جثث واشلاء الضحايا .
حديث وزير الأعلام السوري عدنان محمود  مضحك لدرجة تدعوا للسخرية حينما قال : الانتخابات تجري على أساس التعددية السياسية والحزبية وبناء على قانون الانتخابات الجديد الذي أناط الإشراف على الانتخابات بالقضاء المستقل عبر الهيئة العليا للانتخابات "!. لم يخجل الوزير السوري حينما أستشهد بالقضاء واصفا إياه " بالمستقل" فلم يتساءل عن حكم القضاء " العادل" والتوصيف القانوني للجرائم التي أرتكبها نظامه الحاكم على مدى أكثر من عام ضد الشعب السوري ! .
تأتي أكذوبة الانتخابات السورية في ظل إستمرار أعمال عنف وبطش لا تزال السلطة تمارسها إتجاه شعب سوريا ، ونزوح الالاف خارج البلاد هرباً من جحيم الاحداث الامنية  والموت الذي عصف بالمدن والقرى فحولها لخرائب ومقابر جماعية تفوح منها روائح الموت والدمار  ، بحصد الالاف بين شهيداً وجريح ، ناهيك عن المعتقلين الذين تعج بهم سجون نظام " الممانعة "! ، الذي لم يُعرف عنه الممانعة سوى بالاعلام ، فالجولان المحتل من قبل إسرائيل يعد أهدأ منطقة عربية مُحتلة! .لا تتعدى مسرحية الانتخابات في سوريا كونها مناورة سياسية أخرى يحاول الاسد من خلالها كسب مزيداً من الوقت لقمعه الثوار والاستمرار حاكماً على سوريا بشتى الطرق الملتوية والاساليب القذرة .
محمد الياسين

الأربعاء، 9 مايو 2012

قراءة في طبيعة الأزمات السياسية في العراق

من مُسلمات أمور العملية  السياسية أن قادتها لم يتخطوا الأزمات ولن يتخطوها ، لاسيما وأن بعض المعنيين بشأن العملية السياسية والمقربين منها والمنخرطين فيها يصرون  دوماً على تكرار قول أن قادة العملية   " يعتاشون "على الأزمات ، وتأكيدهم على أن رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يُعد نموذجاً لأولئك القادة .
الملاحظ في النهج المتبع من قبل القادة الحاليين في حال إندلاع أزمة سياسية والتي غالباً تكون أبعادها خارجية أتباعهم لمبدأ تعليق الأزمات بدلاً عن تصفيرها ، كما يُفترض في بعض المسائل حفاظاً على المصلحة الوطنية ، ما يؤدي بتفجير سلسلة أزمات في آن واحد كلما مررنا بأزمة جديدة ، حل مصطلح ترحيل الآزمات محل تصفير الازمات وسياسة عبور مرحلة محل سياسة تثبيت دعائم مكتسبات المرحلة ، أصبحت قواعد أساسية في طبيعة المشهد السياسي وحالة سلوكية أعتاد عليها القادة .
بمعنى أن جوهر الأزمة الحقيقي في كل أزمة هو سلسلة أزمات تراكمية أخذت طابع الازمة الواحدة ، تعليق الأزمات عوضاً عن تصفيرها نهجاً سياسياً نهجهُ قادة الصراع  تنافساً من أجل الفوز بإدارة الأزمة كأقوياء ومواجهة الخصوم كضعفاء وفق سياسية  " مطرقة وسندان " يُلوح بها تارة ويُضرب بها تارة أخرى أن أقتضى الأمر ذلك ،" المالكي نموذجاً مع خصومه " في الامساك بملفات فساد ضدهم يلوح بها بين الحين والاخر  كأداة حسم معركة سياسية ، و بنسب متفاوتة تحتفظ  أطراف الأزمة بأدوات ضاغطه  يلوحون بها كلما إشتدت الأمور وعصفت بهم  ، مع الأخذ بعين الإعتبار بوصلة الإرادات الخارجية المؤثرة في حسم الأمور .
يتأمل بعض الساسة والمتفائلون بحل الأزمة الراهنة بمجرد إنعقاد المؤتمر الذي دعي إليه من قبل أطراف الأزمة السياسية ، عبر تفعيل بنواد إتفاقية أربيل المزعومة! ، رغم أن بعض الساسة المطلعين على مقررات إجتماع أربيل أكدوا في أكثر من مناسبة بجلسات خاصة على عدم وجود أي إتفاق حقيقي " مُوقع " بين القادة السياسيين كما روج في الاعلام  ، سوى الاتفاق في حينها على فقرتين أساسيتين ،الاولى منها الموافقة على ترأس المالكي للحكومة وإصراره على ذلك بعدم الذهاب لاربيل قبل إبلاغه بموافقة الاطراف الرئيسية على ترأسه للحكومة ، والفقرة الثانية تتعلق بتقاسم المناصب والوزارات بين الكتل السياسية .أما بخصوص الورقة المقدمة من قبل التحالف الكردستاني والمدرج فيها تسعة عشر فقرة وغيرها ، لم يتم التوقيع عليها رسميا بين القادة السياسيين . "حسبما أفادت مصادر برلمانية مطلعة بذلك".
 لذا من المتوقع أن المؤتمر المزمع عقده لن يأتي بعصا سحرية  أو يقدم مفاتيح حلول حقيقية لتذويب الازمات السياسية ، وأنما يتوقع منه تعليق للأزمة الحالية وترحيل آخر لمرحلة قادمة لا محال .
محمد الياسين

إيران تتمادى و العرب صامتون!

لا ارى جدية باتجاه تحرك عربي للرد على الممارسات الاستفزازية لايران ، ولم نلمس من قادة الدول العربية وخاصة الخليجية سوى خيبة الامل والخذلان ، بالصمت المخزي والمعيب على التدخلات الفاضحة لايران بشؤون أوطاننا وشعوبنا ، حتى وصل الحال بأنكار الرئيس الايراني للحضارة العربية ، كما جاء على لسانه في زيارته قبل أيام والتي تعد الاولى من نوعها لجزيرة " أبو موسى " العربية ، المُحتلة إيرانياً منذ إنسحاب القوات البريطانية منها بالعام 1971 .
يتطاول مرة أخرى محمود أحمدي نجاد بوقاحته المعهودة وأكاذيبه المكشوفة بالقول ( ان كل الوثائق التاريخية تثبت  أن جزيرة ابو موسى جزيرة ايرانية ) ، ويتبجح بأن الحضارة الفارسية هي الوحيدة التي عرفتها المنطقة ) . كذلك تصريح رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء حسن فيروز آبادي بقوله ( ان الخليج أنتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيران ) . و تهديد القائد السابق للحرس الثوري سكرتير مجمع تشخيص النظام محسن رضائي " بتدمير دولة الامارات ".
وإنكارهم المستمر بإنتماء الخليج للعرب ، وتحريفهم للحقائق التأريخية والجغرافية والسكانية بعائدية جزر( أبو موسى ، طنب الصغرى ، طنب الكبرى ) لدولة الامارات العربية المتحدة ، ومحاولات طمس الهوية العربية لمنطقة الاحواز وشعبها .كلها أدلة دامغة لجمت أفواه المشككين بكراهية الفرس للعرب .
صفاقة وعنصرية الخطاب السياسي والاعلامي لإيران إتجاه العرب لم يأتي بجديد على صعيد مواقف وتصريحات أركان النظام الإيراني ، وأنما جاءت تأكيدا على إستمرار ممارساتهم السابقة بسياساتهم الإستفزازية وتطلعاتهم الاستعمارية لشعوب المنطقة العربية .
 تلك نبذة عن بعض مواقف وتصريحات قادة النظام الايراني عبروا فيها عن كرههم وحقدهم التأريخي  إتجاه العرب ، لم يعد بالامكان أغفال صمت القادة العرب وزعماء دول الخليج عن تلك التدخلات التي أول ما ضربت بالعراق وعصفت به فحولته لساحة إيرانية بإمتياز . واليوم نشهد تمدد " الاخطبوط " الايراني بالدول العربية عبر تدخلاته السافرة ودعواته لقلب أنظمة الحكم وإشاعة الفوضى والاقتتال بين شعوب المنطقة .
 لم يحترم حكام إيران جيرانهم العرب وشركائهم التأريخيين في المنطقة ، الذين صاروا اهدافاً مكشوفه لهم ، وساحات يسرحون ويمرحون بها ، وتطلعات لاطماعهم المريضة واحلامهم الاستعمارية ،بعد  تخطي كل الحدود وتجاوز كل الخطوط الحمراء ، دق ناقوس الخطر و بات امرا واقعا لا محال ، يتطلب من قادة العرب وخاصة زعماء الخليج ، وقفة حقيقة وتصدياً مشروعاً للمطامع الفارسية المريضة ومطالبتهم بالاراضي العربية " المُغتصبة " ، عبر تفعيل كافة أوراق الضغط لدى العرب على إيران دون مهادنة أو تردد أو مساومة .
محمد الياسين

في "مبدأ رامسفيلد"..إستمراراً لإحتلال العراق!

لفهم كيفية استمرار الاحتلال والنفوذ الامريكي في العراق سأتوقف عند شرح ما بات يعرف لدى الاوساط العسكرية الامريكية " بمبدأ رامسفيلد " ، القائم اساسا على ان جوهر القوة العسكرية الامريكية هو بأستخدام قوى مشتركة خفيفة وأسهل حركة في الحرب تدعمها المعلومات الاستخباراتية وقدرات القيادة والسيطرة بما في ذلك مضاعفات القوة ، مثل الأجهزة الفضائية والطائرات غير المأهولة .
وقد شرح رامسفيلد ذلك للجنود المتواجدين في بغداد عقب الحرب على العراق قائلاً بالنص : إننا لسنا بحاجة لأن نسرع على أقدامنا ، إن ما نحتاجه هو إنجاز الأشياء خلال ساعات وأيام بدلاً من الأسابيع والأشهر ، وبأقل قدر من آثار أقدامنا على الأرض .
وكرر هذا المعنى نفسه قائد القوى المشتركة الجنرال " ريتشارد مايرز " فقد أكد على أن هذه الطريقة الأمريكية الجديدة في الحرب فيها قوات مشتركة مرنة الحركة قادرة على رؤية الأعداء والتخطيط والتصرف وتقييم حالة ساحة المعركة بأسرع من ذي قبل .ونتيجة لذلك فإن التأخر الزمني الذي كان مرتبطاً بمعرفة مصدر إطلاق النار والذي كان يستغرق ساعات أو أيام تناقص إلى دقائق  .
وفق مبدأ رامسفيلد فقد حل تعبير فضاء المعركة محل تعبير ساحة المعركة إذ أن الاشتراك بين المجال الجوي والأرضي والبحري والفضائي أصبح ارتباطاً وثيقاً للغاية ويسمح بإستخدام تشكيلات أصغر يمكنها أن تستخدم قوة مبيدة أو غير ذلك بأسرع ما يمكن وبشكل منظم حيث يتحكم بها نظام ضبط ومراقبة ديناميكي مرن .
وفق هذا المبدأ لا اجد انتهاءا لاحتلال العراق ولا يتعدى انسحاب القوات العسكرية التقليدية كونه تغييراً تكتيكياً اتبعته الادارة الامريكية وفق الاستراتيجية العامة إتجاه العراق و المنطقة .
عمليا نترجم مبدأ رامسفيلد واشاراته على أرض الواقع ، بالمهام والأهداف الحقيقية للشركات الأمنية " الأجنبية و العراقية " العاملة في الساحة العراقية ، و خاصة تلك التي دخلت البلاد بعقود أبرمتها مع السفارة والجيش الأمريكيين ، فهي تعد بديل " ذكي وقذر "لإستمرار الإحتلال ، لجأت إليه النخبة الامريكية كغطاء لجيش مُحتل من نوع أخر . فهذه الشركات التي يقدر قوام افرادها وعناصرها بالالاف تتمتع بميزات تختلف عن أفراد وجنود الجيش التقليدي ، من حيث تلقيهم تدريبات قتالية على حرب الشوارع والعصابات ، وكيفية التخفي بين المواطنين وجمع المعلومات الاستخباراتية ، وقيامهم بمهام" قذرة " كالاغتيالات بالقنص ونصب العبوات اللاصقة والخطف ، ونوعية تجهيزاتهم متطورة واوزانها خفيفة واحجامها صغيرة ، لا تشكل عبئ كما هو الحال بالنسبة لافراد وعناصر الجيش التقليدي ،ما يُعينهم على سرعة الحركة والمناورة والرد على مصادر النيران  والاستجابة بسرعة فائقة بتنفيذ المهام الموكلة اليهم ، لارتباطهم بمنظومة مركزية شبكية معقدة مرنة ، تُصدر اوامرها بالتنفيذ  بناءا على معلومات استخبارية دقيقة ، عكس الحال بالنسبة للجيش التقليدي الذي يتطلب وقت طويل لاصدار اوامره الى الوحدات العسكرية بالتحرك .
الفكرة تنطلق من مفهوم عدم تكافئ القدرة العسكرية والتجهيزات التكنلوجية بين الجيش العراقي مع الجيش الامريكي آبان الحرب الأخيرة ، أعقبه بعد الإحتلال عدم تكافئ من حيث حجم خسائر  جيش الأحتلال الأمريكي مع المقاومة العراقية ، التي أعتمدت في بداية الامر أسلوب " الحرب الشبحية " ثم أنتقلت لأسلوب " حرب الشوارع او " حرب العصابات " كما يسميها البعض ، بكلا الحالتان فأن جيش الإحتلال أستُنزف استنزافا عظيما ،فلا يخفى على احدا من المتابعين و المختصين بشأن مجريات وأحداث الساحة القتالية في العراق ، بأن المقاومة المسلحة قد تمكنت على مدى سنوات من تحقيق نجاحات باهرة ومثالية في كثير من الاحيان ضد قوات الإحتلال وإنزلت بهم خسائر بشرية ومادية ونفسية فادحة ، تستحق أن تدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية .!
فأستوجبت تلك الحالة بحث النخبة الأمريكية عن وسائل وأساليب أخرى تُجنب قواتهم الخسائر ، وتمكنهم من الاستمرار بأرض المعركة ، وتُحقق أهدافهم بأقل كلفة وأسرع وقت ، وايضا توهم العالم والشعب الأمريكي بأنهاءهم الحرب بسحب قواتهم التقليدية من العراق.
محمد الياسين